فاتن مرعشلي (38 عاماً) وابنها محمود حجازي (16 عاماً)، بطلان يتحديان معاً إصابة “محمود الطفل الملائكي” بالتوحد، كل على طريقته. هي حكاية أم مع ابنها المصاب بالتوحد، تحولت من معاناة إلى رسالة مدوية للمجتمع ولكل الأهل الذين “لديهم أطفال ملائكة أو من الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة”.
بثقة تامة، استقبلنا محمود، في حين كانت والدته منشغلة بمكالمة هاتفية. ألقى التحية وعرفنا عن نفسه وطلب منا أن نُعرف عن أنفسنا. أرشدنا إلى الصالون، وتحدث مع المصور عن فريقه الرياضي المفضل. لم يمانع محمود التقاط صور له، بل رحب قائلاً: “بدي أتصور لحالي”. لكنه سرعان ما طلب من والدته الانضمام إلى الصورة، أثناء شرحه رسوماته التي تتمحور في أغلبها حول الطبيعة التي يعشقها.
شخصية محمود الاجتماعية والمرحة سببها جهد شخصي من والدته، التي كانت أفضل من كل المعالجين. وهي تقول في رسالة واضحة بعد 14 عاماً من العذاب والتحديات إن “هؤلاء هم أطفال مميزون كالملائكة. ليس علينا أو على المجتمع فرض قيود أو عزلهم عن محيطهم، بل يجب أن يندمجوا بالأنشطة كلها، وممارسة حياة طبيعية جداً”.
هذه الخلاصة بدأت منذ 8 سنوات. حينها، انتفضت فاتن على واقعها المؤلم والحزين، بعدما غرقت في الكآبة ولم تعد تستطيع تحمل الأعباء النفسية التي تحيط بها وبابنها منذ أن أبلغها الطبيب بحالته. إذ انعزلت عن العالم وأصبح كل ما يشغل بالها هو تلقي طفلها العلاج والجلسات داخل المنزل وخارجه. وأهملت نفسها وطفلتيها. ورغم شدة اهتمامها بمحمود كانت تجد أن حالته تتراجع.
ولمواكبة طفلها عادت إلى مقاعد الجامعة من أجل التخصص في مجال التربية المتخصصة، هي الحائزة على شهادة في التربية الحضانية. لكنها اكتشفت أن كل هذه الوسائل لا تنفع، بسبب حالتها النفسية المتعبة التي تنعكس على حالة طفلها. ما دفعها إلى تغيير نمط حياتها عبر لعب دور الأم وليس المربية والمعلمة والمعالجة. وبدأ طفلها يتحسن بشكل تلقائي من دون جلسات علاج إضافية.
تؤمن فاتن أن لحظة التحول بدأت حين اكتشفت “سر السعادة” الموجودة في شخصية ابنها، التي من الممكن أن تحارب من خلالها الصور النمطية الموجودة في المجتمع. فما كان منها إلا أن أنشأت صفحة خاصة في فايسبوك بإاسم Proud of my soon with Awesomeness، (فخورة بابني الرائع)، وجعلت تجربتها الشخصية معه منبراً لتوعية كثير من الأمهات بشأن التعامل مع أطفالهن المصابين بالتوحد.
تمارس فاتن مع ابنها هواياته المتعددة كالبوكسينغ والسباحة. وهو يهوى الاستماع إلى الموسيقى ويمكنه حفظ الأغاني بشكل سريع. وقد استفادت فاتن من هذه الموهبة وقامت بتصوير مقطع فيديو برفقة محمود يغنيان “شو حلو حبيبي شو حلو”، التي لاقت تفاعلاً جماهيرياً واسعاً بعد نشرها في فايسبوك. وكانت أحد أسباب انتشار رسالة فاتن، لمحاربة “نظرات الشفقة والكلمات المسيئة التي يتعرض لها الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة”.
المدن