فراس خليفة |
عندما أطلّ السيد حسن نصرالله في حرب تموز ألفين وستّة وأطلق عبارته الشهيرة “إلى حيفا وإلى ما بعدَ بعدَ حيفا”، لم يدُر في مخيّلة أحد أن قياديّاً ميدانياً من “المقاومة الإسلامية” سيطلَّ بعد أحد عشر عاماً مباشرة على الهواء من مدينة دير الزور في أقصى الشّرق السُوري. إطلالةٌ واحدة برسائلَ كثيرة وبأمر من “السيّد” نفسه كما قال الحاج أبو مصطفى.”هذا النصر يجب أن يتجلَّى بكامل صورته”. عشرة دقائق حاشدة بالدلالات في لحظة استثنائية من عمر الحرب السورية. على مسافة ليست بعيدة عن الحدود العراقية، قال الرجل إن “حزب الله هو جزء لا يتجزّأ من محور يمتد من إيران الإسلام إلى عراق العروبة إلى سوريا الأسد إلى لبنان المقاوم إلى فلسطين القضية”. وقرب مطار دير الزور العسكري بدا أبو مصطفى أشبه بـ”الناطق الرسمي” باسم السيد حسن نصرالله. بلغة عربية فصحى تحدّث إبن الجنوب اللبناني عن مجريات المعركة و”التحام القوات” لفكّ الحصار شاكراً القوى التي ساهمت في تحقيق النصر بما فيها روسيا التي أشادت مؤخّراً بمقاتلي “حزب الله” ودورهم.
سيتوقّف الإعلام الغربي والإسرائيلي مطوّلاً عند معنى ظهور”أبو مصطفى” المفاجىء والنادر في دير الزور. مِن هناك قال الرجل: “لنا الفخر أن إسرائيل تخاف منّا”. كان الوقت في بدايات المساء. ظهر الرجل كأنّه نقطة ضوء في فضاء تلفّه العتمة. بدا التعب واضحاً على ملامح وجهه العريض دون أن ينال من إصراره على إيصال “الرسالة”. ببزّته العسكرية و”الشال الأصفر” حول العنق كان الرجُل ينقّل بصرَه بين المراسل التلفزيوني وبين الأرض من دون أن يلتفت مرّةً إلى الوراء. يُنقل عن مقرّبين من “الحاج أبو مصطفى” انه كان شديد التأثُّر لمعاناة الأطفال والنساء المحاصرين في دير الزور طيلة الأشهر الماضية، وهو بالأمس قال “إن دير الزور كانت مدرسة في التضحية والبطولة”.
يكشف المقرّبون من الرجُل الخمسيني، والجدّ لثلاثة أحفاد، إن ثقته بالنصر وفك الحصار كانت عالية دائماً. “كانت القوات تاخد روح منّو وكان متواضع جداً مع عناصر المقاومة والجيش”. عندما أطلّ أبو مصطفى عبر شاشة “الميادين” كان للأمر وقعه المؤثّر على أفراد أسرته التي لم تره منذ أكثر من ثمانية أشهر كان خلالها “يمدّهم بالمعنويات من قلب الحصار”. بالنسبة لهم كان أبو مصطفى “الصديق والرفيق فضلاً عن كونه الأب العطوف والمضحّي والمثقّف”. حسب المقربين إياهم، فإن الرجل الذي ينتسب لـ”الرعيل الأول” في المقاومة الإسلامية “لطالما إمتاز بفضيلة الصبر التي توَّجها بصموده الأسطوري ورفاقه في حامية مطار دير الزور العسكري”.
في رواية الحرب السورية غداً سيُحكى طويلاً عن مشهدية “حدود النار” في دير الزور التي كان ابو مصطفى أحد أبطالها. أبو مصطفى في دير الزور كان الوجه القوي لـ”أحمد العربي” في غنائيات محمود درويش. “أبو مصطفى” عربيٌّ أيضاً من “جبل عامل”..
#عام_على_فك_الحصار