لمناسبة العاشر من شهر محرم أقيم في قاعة الامام زين العابدين، في منزل النائب السابق أحمد العجمي في بلدة العباسية مجلس عزاء حسيني، بحضور رئيس “الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة” الشيخ ماهر حمود وحشد من الفاعليات السياسية والروحية والأمنية والاجتماعية والتربوية والحزبية وأهالي البلدة والجوار.
حمود ألقى كلمة كشف فيها أن المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد، قال له إن الامام المغيب السيد موسى الصدر عرض “علي أن نوحد الأذان في مساجد المسلمين في لبنان” وأوضح أن حب آل البيت جزء من القرآن الكريم وجزء من عقيدة المسلمين، والإصلاح الذي طلبه الإمام الحسين هو جزء من فرض الله تعالى على المسلمين.
كما جمود لفت إلى ان “ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ليس أمرا عارضا إذا ما حصل، بل هو ترك فريضة اسلامية، ولا شك كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم عن تغيير المنكر، ان يكون باليد، فإن لم تستطع فباللسان، فان لم تستطع فبالقلب وذلك اضعف الإيمان” وقال: “كان يمكن ان يرتضي الامام الحسين بإنكار المنكر بالقلب فيقول كما يقول الضعفاء، اللهم ان هذا منكر لا نرضى به ولا نستطيع تغييره، لكنه ذهب إلى القمة كما هو وكما هو أبوه وجده وأمه، كما هي هذه العائلة التي غطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكساء ودعا لهم بالخير”.
وأوضح حمود : “هذا الالتباس التاريخي المستمر، البعض يظن عن جهل أو عن قصد أحيانا، ان حكام بني أمية يمثلون الإسلام أو يمثلون الإسلام السني، وهذا خطأ تاريخي، للأسف يعود فيتكرر، ومختصر الكلام لو اننا مثلا سردنا أسماء العلماء، الذين يعتبر انهم سنة، والحقيقة موضوع سني وشيعي في هذا التفصيل، الذي نعيشه اليوم، لم يكن في ذلك الوقت، كان فقط موالاة سياسية لآل البيت او للحاكم الاموي او العباسي، التفاصيل الفقهية التي تولدت مع مرور التاريخ، لم تكن موجودة في ذلك الوقت، وطبعا هذا بحث علمي معمق قد يتحاور فيه العلماء وقد لا يتفقون، ولكن هذا والله اعلم ما اذهب اليه واراه، فهنا لو سردنا اسماء علماء الدين، الذين نسميهم سنة منذ معاوية بن ابي سفيان الى اخر حاكم عثماني، يعني مرورا بالأمويين والعباسيين والمماليك والأيوبيين والعثمانيين، كل الذين حكموا، لوجدنا ان العلماء الذين لهم قيمة وتأثير جلهم ان لم نقل كلهم قد تعرضوا للحبس او للضرب او للنفي او للقتل.
ولعل اهم هذه الاسماء سعيد ابن جبير، الذي كان في عصر عبد الملك بن مروان، والذي دفع حياته ثمنا لمولاة اهل البيت، وسعيد ابن جبير الذي قتله الحجاج، كان محبا لآل البيت ومعارضا للحكم الاموي لا يسكت عن اخطائهم، وقتله الحجاج شر قتلة، ولكن استجاب الله لدعاء سعيد فقال: اللهم لا تسلطه على احد بعدي، وظل الحجاج بعد مقتل سعيد ابن جبير يعيش حالة هيستيرية لا ينام ولا يأكل ومات بعد ذلك بخمسة عشر يوما”.
وأردف: “يعني استطاع بالدعاء ان ينهي ظلم الحجاج، الذي أطلقت يده على رقاب المؤمنين جميعا، وهذا يتكرر، هذا الإمام الشافعي الذي تلون بعض من أشعاره تعرض للاتهام القاسي من بعض الجهلة، لأنه دائما يذكر آل البيت، الإمام النسائي الذي هو واحد من رواة الأحاديث المشهورة، رواة الأحاديث المعتمدة عند السنة الستة: البخاري، مسلم، ابن ماجة، الترمذي، احمد ابن حنبل والنسائي…
النسائي طلب منه كتاب في فضائل معاوية فقال اكتب في فضائل علي فلا اجد أية فضيلة لمعاوية، ومع ذلك ولأنه كتب هذا الكتاب وأجاب هذه الإجابة القاسية ضرب حتى مات من قبل الناس في الشام، كان في مصر وجاء الى الشام وحصل هذا الحوار ودفع حياته ثمنا لهذا الموقف”.
أضاف: “مثل هذه المواقف كثيرة، ومنها أيضا وأهمها لعل ما قاله الإمام ابو حنيفة الذي هو اكثر علماء الدين تأثيرا في مسيرة الفقه وعدد الأتباع حتى يومنا هذا، الامام أبو حنيفة تحاور مع الإمام جعفر الصادق على أساس حوار في موضوع واحد في موضوع القياس من اصول الفقه، لكنهما تفاهما بعد حوار سريع، وظل ابو حنيفة سنتين يتعلم عند الامام جعفر، وقال بعد ذلك: لولا السنتان لهلك النعمان، ومثل هذه الامثال كثيرة لا تنتهي”.
وقال: “اليوم الاسلام يحتاج الى وقفة حقيقية، تقفها المقاومة في لبنان، في فلسطين، في سوريا، في اليمن، وفي العراق، من يعيش هذه الفكرة؟، من يدعم المقاومة؟، إلا ايران ومن يسير في محور المقاومة”.
أضاف: “اليوم عالم المسلمين يكاد يكون صحراء قاحلة من حيث الوطنية والاسلام ومن حيث الاستقامة والرؤية السياسية الواضحة، هنالك واحة في هذه الصحراء هي محور المقاومة، والحمدلله ان الله تعالى يحقق الانتصارات، تحققت انتصارات في لبنان وفي فلسطين ودحر الارهاب في سوريا وكذلك في العراق، وقريبا إن شاء الله في اليمن، هذا هو الاسلام اليوم، ان صليت بهذه الطريقة او تلك او ان تتبعت هذا الامام او ذلك، ثم كان قراري في واشنطن او في تل ابيب، ما قيمة اسلامي؟، ما قيمة ديني؟، ما قيمة ما ازعم انني انتمي به الى امة الاسلام؟.
هذا الولاء الواقعي والحقيقي للاسف الشديد الذي يوارثه كل الحكام او اكثرهم بالاحرى لواشنطن ولتل ابيب إلا ما نسميه محور المقاومة، عن أي اسلام يمكن ان يتكلموا؟، عن أي دين؟، عن أي مبدأ؟، عن أي وطنية؟، باعوا كل شيء، خانوا كل شيء، ضربوا، قتلوا، فعلوا الافاعيل”.
وسأل عن الذي يخطط له الرئيس الأميركي دونالد ترامب “صفقة القرن اين وصلت؟، الغاء الانروا لماذا؟ كل هذه الاجراءات، وفود أميركية من اجل مخيم عين الحلوة ثلاث مرات خلال اقل من سنة لماذا؟ هنالك خطة، موضوع صفقة القرن يعني ان يعطى الفلسطينيون جزءا من سيناء يلتمون بها غزة وانتهى الموضوع، مطروح منذ عام 1948 والآن يجدد، هنالك خطورة حقيقية مما يخطط له من صفقة القرن وغير صفقة القرن، وللاسف الشديد ليس هنالك من وضوح سياسي بل هنالك استسلام للارادة الأميركية في هذا الموضوع”.
واستطرد: “بالتالي الله أعلم ماذا يخطط لهذا الامر. ما خططوه للمقاومة وللبنان ولسوريا وما يخططونه دائما ليس قدرا الهيا، الله تعالى أفشلهم في لبنان، من كان يظن ان هذا يمكن ان يحصل؟.
وزع منذ أيام شريط قصير أقل من ثلاثة دقائق لسماحة السيد حسن نصر الله، يتحدث عن الأيام الأولى من حرب تموز، يقول كانوا يتحدثون بصلف وكبرياء على اساس منتصرين، فقال له الوسيط القرار اتخذ بسحق المقاومة عالميا وعربيا، اذا اردتم ان نتوقف فعليكم بتسليم السلاح والاستسلام الكامل، وان تأتي قوات متعددة الجنسية تنتشر على الحدود كلها حتى مع سوريا، وان يسلم الجنديان اللذان خطفا في ذلك الوقت، فقال سماحته كلاما مؤثرا جدا قال انا عشت كربلاء وشعار هيهات منا الذلة منذ ان كنت طفلا ولكن لم اشعر بحقيقة هذا الشعار إلا في تلك اللحظة: ان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين السلة او الذلة وهيهات منا الذلة.
عندما توضع هذه الشعارات العظيمة موضع التنفيذ يجب على الجميع ان يحترم ان يفهم اين نحن وماذا تفعل هذه الشعارات اذا وضعت موضع التنفيذ وليست مجرد ذكرى تاريخية وليست مجرد سيرة نتلوها لنبكي او لنقوم بما يغضب الاخرين مثلا كما يقال، انها شعارات من اجل رفع مستوى الامة، من اجل تغيير التاريخ الذي يكتبونه زورا، وهذا ايضا بالتأكيد ما بدأ به الامام موسى الصدر الذي وضعها ايضا موضع التنفيذ على كل الصعد، على صعيد محاولات حثيثة في تجميع قوة المسلمين في ذلك الوقت.
وختم: “المقاومة تقول وتفعل، أبطال الحسين الحقيقيون يرفعون الشعارات ويطبقونها، الذين يحبون آل البيت ويحبون امة الإسلام ونهضة الإسلام هؤلاء يجعلون هذه الذكرى الاليمة يجعلونها واقعا او يجعلونها مستقبلا ليتحسن كل شيء، وهذا وعد الهي بان يجدد الله الدين وان يزيل إسرائيل وان غدا لناظره قريب”.