Home / اخبار رئيسية / في الليطاني يكافأ الملوث بدعم ورعاية رسمية…هل يحاسب القضاء؟

في الليطاني يكافأ الملوث بدعم ورعاية رسمية…هل يحاسب القضاء؟

تطالعنا الفضائح في قضية الليطاني بالجملة، فلا نكاد ننتهي من فضيحة لتطل علينا أخرى وفي جعبتها ما يثير الاستهجان والدهشة الى حد الذهول بقدرة الناس على امتداد هذا النهر وهذا الوطن على التحمل لكل هذه المصائب والموت المحدق بهم، أما عن التساؤلات التي تطرح نفسها عن المسؤولين من الوزارات والمؤسسات المعنية فالجواب حاضر بأنها استقالت من وظيفتها في القيام بواجباتها ويبدو أنها ارتضت لنفسها أن تعمل على تغطية المعتدين ومكافئتهم بملايين الدولارات، وعن نواب المناطق على امتداد النهر ومنهم الشركاء في التلويث، فالليطاني لم يكن بالنسبة لهم سوى صفقات وعنوان عريض لحملاتهم الانتخابية ووعودهم الكاذبة، والمحافظين والقائمقاميات الذين لم يتخذوا إجراءات رادعة لمنع التعديات لسنوات طويلة، أما البلديات بمعظمها فحدث ولا حرج.

كان من المفترض أن تنتهي مرحلة التوثيق للتعديات قبل وقت طويل، إلا أن فضائح استمرارها وتغطيتها وفتح المجال لتعديات جديدة، فتح بابا من الإكتشافات المستمرة في هذا المجال، ويحق القول إن الملوثين أبدعوا في ارتداء ثوب العفة عن طريق ابتكار الطرق لتغطية تعدياتهم أو إلصاقها بآخرين.

اليوم بات ملحا ألا يصمت صوت المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والبيئية والإنسانية، وأن تعمل جميعها جاهدة لمنع استغلال قضية الليطاني في صفقات مربحة، يفوز بها من لوث ومن سكت وساعد وغطى المعتدين، كما بات ضروريا أن ينصف القضاء نهر الليطاني.

جلسة استماع

من المتوقع أن يستمع غدا (الثلاثاء) المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم إلى إفادة رئيس مجلس إدارة مدير عام “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني” الدكتور سامي علوية، حول التعديات والمخالفات التي تطاول النهر، كما أن علوية سيزود إبراهيم بمسح شامل عن نهر الليطاني ليصار إلى فتح ملف التعديات والمخالفات على حرم النهر وفي مجراه.

وكانت المصلحة قد أشادت بخطوة القاضي إبراهيم بعد التحقيق الميداني والمحضر العدلي على نهر الليطاني، واللافت للانتباه أنه قد تخلل الجولة استدعاء عدد من رؤساء بلديات واستدعاء وتوقيف بعض أصحاب المؤسسات الصناعية.

إجراءات مجدية

وتجدر الإشارة إلى ثمة أمثلة أثبت أن الإجراءات مجدية، إحداها ما شهدناه مع “محطة كندا” في رياق حيث تمت إزالة المخالفات والتعديات التي تسببت بها، بعد توقيف صاحبها، كل ذلك يشير إلى أن قضية تلوث الليطاني قد دخلت فعلا مرحلة الملاحقة والتوقيفات، ما يؤكد أن الأجهزة القضائية والأمنية، إن أرادت وساندت المصلحة الوطنية في الإجراءات التي اتخذتها، وعملت على رفع وتيرة الملاحقة وتوقيف المخالفين المعروفين للجميع ورفع الغطاء

السياسي عن الجميع دون استثناء، فبإمكانها أن تكون المساهم الأكبر في إعادة الحياة إلى النهر، وإعادة الأمل بتحقيق العدالة التي يفترض أن تكون هذه الأجهزة ساهرة على حسن تطبيقها، من خلال معاقبة المعتدين وإلزامهم على رفع تعدياتهم ومعالجة أوضاعهم وفقا للقوانين لكي لا يموت الناس ويحتضر الليطاني مرتين .

مكافأة الملوث رسميا

استوقفنا بالأمس في موضوع متابعة عملية الإخباريات والملاحقة القانونية، ورفع التعديات ومعالجة التلوث ما لا تفسير له بغير “مكافأة الملوث بغطاء ورعاية رسمية ودولية رفيعة المستوى”، وعلى وقع النشيد الوطني، وفي السراي الحكومي، وفي غياب فاضح للاعتبارات الأخلاقية والوطنية التي كان من المفترض أن لا تغيب عن حسابات رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على الأقل لحظة اعتباره مكافأة الملوثين بالمال العام إنجازا بيئيا يستحق الدعم، ليفتح شهية الملوثين كافة على مزيد من السرقات والنهب للمال العام بدل تغريمهم ومحاسبتهم برفع الضرر من ما جنوا بمساهماتهم في قتل النهر والتنكيل بجثته.

أخطأ الرئيس الحريري لحظة تجاوز وجع الناس، وأمراض الناس ومصائبهم وفاجعتهم بعائلاتهم واولادهم وبشريان حيوي للوطن بأكمله حين رعى حفل توقيع اتفاقية بمليون دولار بين شركة “ألبان لبنان” وشركة Livestock Water Recycling (LWR) الكندية، لإنشاء محطة لمعالجة النفايات السائلة الناتجة عن المصنع والمزرعة التابعين للشركة في منطقة حوش سنيد في محافظة بعلبك – الهرمل، وذلك بالتعاون مع مشروع مكافحة التلوث البيئي في لبنان LEPAP.بحضور السفير الإيطالي “ماسيمو ماروتي”، والنائبان السابقان غازي يوسف ونبيل دو فريج (الذي يفترض أن يمثل أمام المدعي العام المالي بصفته أحد الشركاء لمعمل “كانديا”

الذي يصب مجروره في نهر الليطاني مباشرة) والامين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل، محافظ البقاع كمال أبو جودة، رئيس مجلس الانماء والاعمار نبيل الجسر، رئيس مجلس ادارة شركة “ألبان لبنان” محمد زيدان، رئيس Livestock Water Recycling (LWR) “روس ثورتون”، مدير مشروع LEPAP مروان رزق الله، مستشارا الرئيس الحريري فادي فواز ونديم الملا، وممثلون عن سفارتي كندا وهولندا والبنك الدولي وبرنامج الامم المتحدة للتنمية ومصرف لبنان وبنك البحر المتوسط وعدد من المشرفين والمساهمين في إنشاء هذا المشروع الذي سيستغرق سنة أو إثنين على الأقل مع استمرار لرمي مخلفات المصنع وصرفه الصحي والصناعي في النهر ما يعني أن يكافأ الملوث ويعاقب بمزيد من الضرر الليطاني وأهله.

.

الازدواجية في المعايير

حفاظا على صحة المواطن أصدرت وزارة الزراعة في خطوة مسؤولة، قرارا نهار أمس يقضي بمنع صيد السمك في المجرى الرئيسي لنهر الليطاني وبحيرة القرعون، بناء على طلب “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني”، حفاظا على صحة المواطنين من الأسماك غير الصالحة للاستهلاك بسبب التلوث فيما حفاظا على الصناعة ومصالح الفاسدين نشهد تمديدا للمصانع الملوثة الكبرى ومكافآت على شكل قروض ، وفي هذا السياق أيضا وفي 18 الشهر الجاري كان محافظ البقاع قد أصدر تعميما موجها إلى قائمقاميتي البقاع الغربي وراشيا وبلديات زحلة واتحاد بلدياتها لمنع صب الصرف الصحي مباشرة في النهر، وتحويلها إلى أماكن تزرع قصبا، ونباتات كإجراء مؤقت ريثما تعالج المشكلة وفق الأطر الفنية والتقنية المطلوبة وطالب بأمور عدة لجهة مكافحة التلوث، إلا أن حضوره احتفال الأمس قد لا يخدم الجدية في تعميمه اذا ما طالبت البلديات بمبدأ المعاملة بالمثل لتحذو حذو المصانع المدعومة، هذه

الازدواجية تؤكد أن كل يغني على ليلاه، وأن لا خارطة طريق أو خطة عمل متكاملة وواضحة الى اليوم قد أتفق عليها من المعنيين كافة للسير في حسن تطبيقها ، ما يؤكد أننا اليوم وقبل أي شيء نحن بحاجة لاتخاذ خطوات على الأقل مضمونة في استدامتها، وهذه الإجراءات تتطلب من القضاء أن يقبض على جرح الليطاني ويمنع عنه النزف المستمر بقرارات رادعة وصارمة من شأنها وقف كافة مصادر التلويث، ومعاقبة المعتدين على السواء وتغريمهم وفقا للقانون قبل البدء بعمليات معالجة غير مجدية .

فاديا جمعة

Check Also

غزة ما بعد العصر الإسرائيلي: قيامةٌ لا رجعة منها

يمثّل تحرير قطاع غزة من الاحتلال الإسرائيلي محطّة مضيئة في الصراع المستمرّ مع العدو، كونه …

Open chat
أهلاً وسهلاً بكم