الرئيسية / ثقافة عامة / نموتُ لنحيا شهداءَ – سركيس الشّيخا الدّويهي

نموتُ لنحيا شهداءَ – سركيس الشّيخا الدّويهي

احملْ سلاحَكَ، وامضِ إلى ساحاتِ الجهادِ.
تعالَ نكتبُ قصّتَنا بالدّماءِ، ببندقيّةٍ، وقذيفةٍ، وصاروخٍ، وأملٍ بالنّصرِ، ورغبةٍ في الاستشهادِ.
قد نعودُ منتصرينَ، أو نرجعُ شهداءَ في صناديقَ خشبيّةٍ، تفوحُ منها رائحةُ الرّيحانِ، والوردِ، والكرامةِ. أو قد لا نرجعُ أبدًا، فنصبحُ مفقودي الأثرِ، نُضْحي بلا قبرٍ يجتمعُ حولَهُ أحبّاؤُنا وأصدقاؤُنا، لا زائر يطرقُ بيدِهِ الرّخامةَ البيضاءَ على قبرِنا، ولا ورودَ أو شموعَ على مثوانا الأخيرِ.
احملْ سلاحَكَ، وامضِ إلى ساحاتِ الجهادِ.
تعالَ نقطفُ الكرامةَ وردًا وياسمين تحت أزيزِ الرّصاصِ، ودويِّ المدافعِ، خلف المتاريسِ والسّواترِ التّرابيّةِ، وفي الخنادقِ المظلمةِ والغرفِ الباردةِ.
تعالَ نُري العالمَ كيف نحبُّ بشجاعةٍ، ونعشقُ بجنونٍ، ونموتُ بحرّيّةٍ، كيف نرقص تحت زخّاتِ الرّصاصِ، وشآبيبِ الهاوِنِ، وسُحُبِ الدّخانِ.
تعالَ نُنشدُ أناشيدَ الفخرِ والعزّةِ، ونُغنّي أغنياتِ الفرحِ والحياةِ، بين هتافاتِ النّصرِ، وزغرداتِ البنادقِ، وصرخاتِ الألمِ، وصيحاتِ الوداعِ.
تعالَ نحترقُ تحت أشعّةِ الشّمسِ الحارّةِ فوق الرّمالِ الحارقةِ، ونتجمّدُ من الصّقيعِ والزّمهريرِ في الجرودِ العاليةِ، ونتركُ خطواتِنا العميقةَ خلفنا على الثّلوجِ المتراكمةِ.
تعالَ نجوعُ معًا، ونعطشُ معًا، ونعاني معًا، ونبردُ معًا، ونحلمُ معًا، ونتشاركُ الوسادةَ والفراشَ، ونتقاسمُ الأرغفةَ وأطباقَ الطّعامِ.
تعالَ نجفّفُ جراباتنا المبلّلةَ قرب المدفأةِ غيرَ آبهينَ لرائحتِها الكريهةِ.
تعالَ نقطّبُ سروالَنا “المفتوق” وقميصَنا الممزّقَ، ونسخّنُ بقايا الطّعامِ، أو نطهو ما توفّرَ لنا بمحبّةٍ وشغفٍ.
تعالَ نبوحُ بأسرارِنا، ونُفرِغُ ما في قلبَيْنا من حبٍّ، وحنينٍ، وحزنٍ، وألمٍ.
تعالَ أخبرُكَ عن شيطناتي في الحيِّ والمدرسةِ، عن أبي الصّارمِ، وأمّي الحنونِ، وأخي المشاغبِ، وأختي الحالمةِ، ومعلّمتي العانسِ، وصديقتي الجميلةِ، وحبيبتي السّرّيّةِ.
تعالَ أخبرُكَ عن أكلتي المفضّلةِ، وعن ذكرياتِ طفولتي، عن جدّي وجدّتي، وعن رحلاتِ الصّيدِ وكلبي “بومر”.
تعالَ نقتلُ الخوفَ في داخلِنا، والشّوقَ إلى البيتِ والعائلةِ.
تعالَ نحلمُ، يا صديقي، بوطنٍ حرٍّ سيّدٍ مستقلٍّ، يحفظُ كرامتَنا، ويرعى آمالَنا، وطنٍ نُضَحّي من أجلِهِ بشبابِنا، وأحلامِنا، وأوقاتِنا، وحياتِنا…
تعالَ، يا أخي، نقاومُ ونجاهدُ، كي نعيشَ أحرارًا أعزّاءَ، أو نموتَ لنحيا شهداءَ.

شاهد أيضاً

ندعوا أهل الخير للمساهمة في إفطار مئة صائم يومياً

بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، يطلق “مركز مصان” لذوي الإحتياجات الخاصّة مشروعه الإنسانيّ “مائدة الرّحمٰن” …

Open chat
أهلاً وسهلاً بكم