الرئيسية / أخبار صور / خِطـبَةُ الجُمُعةِ ولادةُ السّيدِ المسِيح (ع) لفضيلة الشيخ علي ياستن العاملي جامع الدينية مدينة صور

خِطـبَةُ الجُمُعةِ ولادةُ السّيدِ المسِيح (ع) لفضيلة الشيخ علي ياستن العاملي جامع الدينية مدينة صور

” وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا* فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ۖ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا ۚ وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا * فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا * فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا * فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا * فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ۖ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا *فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا * ذَٰلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ۚ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ * مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ ۖ سُبْحَانَهُ ۚ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ” .
يتحدّث القرآن الكريم أنّ زوجة عمران نذرت ما في بطنها أن تتصدّق به على بيت المقدس، لكنّها فوجئت بأنّ المولود أنثى، وقد ولدت مريم يتيمة، جاءت بها إلى المعبد، وعرضت على الكهنة كفالتها، فكلّ منهم أرادها لنفسه، لأنّ والدها كان معلّمهم، فاتفقوا على إجراء قرعة، وكانت القرعة أن يُلقوا أقلامهم في النهر، وآخر قلم يبقى في النهر ولا ينحرف؛ تكون مريم بكفالة صاحب القلم، ففي المرة الأولى والثانية والثالثة بقي قلم زكريّا (ع) طافياً، قال تعالى ” ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ “، وقد كان زكريّا زوج خالة مريم، فأرادها الله أن تكون عنده، وهذا من رحمة الله سبحانه بمريم ورعايته لها، قال تعالى “فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ” شبّت مريم وترعرعت في المحراب عابدةً لله سبحانه، بعيدةً عن أهل الدنيا، إذ إنّ يهود أهل ذلك الزمان كانوا عبيداً للدنيا، يقتلون أنبياءهم إذا عارضوهم، ذبحوا نبي الله يحيى، وقتلوا زكريا، وكانوا يشرّعون حسب مصالحهم، وإذا ما نهاهم نبيّهم عن شيءٍ أو أمرهم بما يخالف مصالحهم؛ كانوا يتّهمونه بالكذب على الله، ويقتلونه، حتى عُرفوا بقتلة الأنبياء، أراد الله سبحانه أن تتغذّى مريم من الجنّة، لأنّ ما على الأرض ليس نقياً بمعظمه من الحرام، فلا بدّ أن يُهيّء الله مريم لأن تلد نبياً طاهراً مطهراً، هو آية من آيات الله، يبلّغهم رسالته المقدّسة، فكانت العناية الإلهية والرعاية الربّانية بالسيدة مريم التي انقطعت عن الناس تتعبّد لله سبحانه، تكلّمها الملائكة ” وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ * يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ” وهي معتكفة متعبّدة يأتيها جبرائيل (ع) على هيئة رجل، فخافت وفزعت منه ” قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ۖ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا ۚ وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا “، حملت به، وقد اختُلف في مدّة الحمل، وكم كان عمرها، فلمّا ظهرت عليها علامات الحمل؛ تركت محرابها في بيت المقدس إلى مكان بعيد عن أعين الناس، لجأت حين جاءها المخاض إلى جذع نخلة، وحيدة لا يوجد معها من يواسيها ويكون إلى جانبها، لتضع حملها، فتكاثرت عليها الهموم والمصاعب، وهي المؤمنة الحرّة المطمئنّة، فتمنّت الموت بتلك الساعة، كما ذكر القرآن الكريم ” فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا “، لكنّ الله سبحانه لا يترك من آمن به ولجأ إليه واصطفاه وخصّه بمعجزة الحمل، فأنطق الله سبحانه وليدها “فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا “، أجرى الله لها ماءً رقراقاً، ولضعفها عن القيام؛ أوحى لها أن هزّي إليك بجذع النخلة، فأمّن لها المأكل والمشرب، واطمأنّت أنّ الله مظهر صدقها وعفّتها، وعادت إلى قومها الذين صُدموا برؤية طفلها على يدها، واتهموها بالإثم ” يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا “، وهي المُطمئنّة إلى لطف الله بها، فأحالتهم إلى الطفل الذي سيخبرهم بما هو عليه، فازداد استهجانهم وتعجّبهم ” فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا “، أنطق الله سبحانه المسيح ” قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا “، علت الدهشة وجوههم، وأثبت براءة مريم، وخافت مريم على ابنها من اليهود، ومن ملك عصره الظالم، الذي قطع رأس يحيى وأهداه إلى بغيّة، فهربت مريم به إلى مصر، ونشأ فيها وعادت إلى فلسطين بعد موت ذلك الملك الطاغية، وأخذ عيسى بتبليغ رسالة ربّه، تشاركه أمّه أعباء الدعوة، وتحمّل كيد اليهود واضطهادهم وكيدهم، فتآمروا على قتله – كما فعلوا بالأنبياء من قبله -، لكنّ الله سبحانه ألقى شبهه على من دلّ عليه – كما تتحدّث بذلك الروايات -، فجاءوا به وهو يقسم أنه ليس هو المسيح، فقالوا له: كنت تُحيي الموتى وتُشفي المرضى؛ فادفع الموت عن نفسك، فصلبوا ذلك الجاسوس ورفع الله سبحانه نبيّه عيسى إلى السماء .
وعمل أحبار اليهود على تحريف تعاليم السيّد المسيح، ليبرّروا لأنفسهم الاستمرار على ضلالتهم وانحرافهم، عاش السيد المسيح (ع) رسولاً داعياً إلى الله سبحانه، منكراً على الظالمين ظلمهم، مواسياً للفقراء والمستضعفين وخادماً لهم، بما أفاضه الله عليه من نعمه وعلمه، كان يصنع الطير من الطين، وينفخ فيه، فيُلقي الله الروح في الطير، وكان كما وصفه أمير المؤمنين (ع): وَإِنْ شِئْتَ قُلْتُ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه السلام فَلَقَدْ كَانَ يَتَوَسَّدُ الْحَجَرَ وَيَلْبَسُ الْخَشِنَ وَيَأْكُلُ الْجَشِبَ وَكَانَ إِدَامُهُ الْجُوعَ وَسِرَاجُهُ بِاللَّيْلِ الْقَمَرَ وَظِلَالُهُ فِي الشِّتَاءِ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا وَفَاكِهَتُهُ وَرَيْحَانُهُ مَا تُنْبِتُ الْأَرْضُ لِلْبَهَائِمِ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ تَفْتِنُهُ وَلَا وَلَدٌ يَحْزُنُهُ وَلَا مَالٌ يَلْفِتُهُ وَلَا طَمَعٌ يُذِلُّهُ دَابَّتُهُ رِجْلَاهُ وَخَادِمُهُ يَدَاهُ .
من أقوال السيد المسيح (ع): لو أنّ لابن آدم من اليقين قدر شعيرة؛ مشى على الماء . وقال: اتقِ الله حيثما كنت، وكن في الدنيا ضيفاً، واتخذ المساجد بيتاً . وقال: لا يستقيم حب الدنيا وحب الآخرة في قلب مؤمن، كما لا يستقيم الماء والنار في إناء . وعنه: ارضوا بدني الدنيا مع سلامة الدين، كما رضي أهل الدنيا بدني الدين مع سلامة الدنيا. وعنه: طالب الدنيا مثل شارب ماء البحر؛ كلّما ازداد شرباً ازداد عطشاً . وأيضاً قال: تعجّبتُ من ثلاث؛ طالب الدنيا والموت يطلبه، وباني القصور والقبر منزله، ومن يضحك ملء فيه والنار أمامكم . وقال:إنّ شرّ الناس عند الله عالم يطلب الدنيا بعلمه . وقال: يا علماء السوء جعلتم الدنيا على رؤوسكم، والآخرة تحت أقدامكم، قولكم شفاء وعملكم داء، مثلكم مثل شجرة تُعجب من يراها وتقتل من أكلها . وورد في الإنجيل: ويلكم أيها المراؤون؛ فأنتم كالقبور [المكلسة] ظاهرها أبيض ناصع، وباطنها عفن مليء بالنجاسة . وعنه: كما تريدون أن يفعل الناس بكم؛ افعلوا، هكذا أنتم، ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، وإنما بكل كلمة تخرج من الله . ” إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ” .
لقد أدّى رسالته عن الله سبحانه، فمن سار على هديه ونسكه وتعاليمه فهو المسيحي الحقيقي، ومن مارس القتل والظلم وسلب المال؛ فإنّه يمثل بيلاطس البنطي الذي حكم بصلب السيد المسيح، فلا يكفي أن يدّعي الإنسان الإسلام ليكون شفيعه النبي محمد (ص)، بل لابد أن يعمل بأوامر وأحكام وأخلاق وسنن محمد (ص)، حتى يُنسب إلى نبي الإسلام، وكذلك من يدّعي المسيحية وهو عبدٌ للدنيا؛ فإنّ السيد المسيح بريءٌ منه، فالنبي عيسى (ع) نبي التسامح، والنبي محمد (ص) نبي المحبّة، قال تعالى ” وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ ” .
إنّ لبنان لا يقوم إلاّ بجناحيه؛ المسلم والمسيحي، فلا يجوز لأحدهما أن يطغى على الآخر، أو يستأثر بشيءٍ على الآخر، والحالة الطائفية في لبنان حالة سياسية لا أكثر، لأنّ الساسة ملأ قلوبهم حبُ الدنيا، فخرجوا عن إنسانيتهم، وصُمّت آذانهم عن أنين المرضى وشكوى الجائعين، كلّ همّهم اقتطاع الملايين، ونهب المال العام، تلبيةً لغرائزهم، واستجابة لجشع أزواجهم وأبنائهم وحواشيهم، فملكوا المليارات وأفرغوا الخزينة، فإن لم يتداركوا الأمر ويتخلّوا عن جشعهم وأطماعهم واستيلائهم على المال العام؛ فسيذهب البلد وتسقط الدولة، فعلى الأحرار من اللبنانيين أن يبادروا لإنقاذ البلد من الجشعين، وليضعوا حداً لهم، بوقف السلب والهدر، حتى لا يسقط سقف لبنان على رؤوس الجميع، وحينها لا ينفع الندم .
[وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحمدُ للهِ رَبِّ العَالمِينَ وَصَلِّ اللّهُمَّ عَلَى ُمحمّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ]

تصوير:رامي أمين

شاهد أيضاً

Ideal Mobile Gambling Enterprise: A Comprehensive Guide to Taking Pleasure In Gambling Establishment Games on the move

In today’s electronic age, mobile phones have actually ended up being an important part of …

Open chat
أهلاً وسهلاً بكم