حسن شرف الدين |
و أما عن ضباط الحرب الناعمة و دورهم فهناك الكثير من المغالطات في هذا الشأن. يرى البعض أن خوض الحرب الناعمة يحتم علينا صناعة جيل من الشباب المقولب في أنماط تفكير وتعبير محدودة ومدروسة مسبقاً. يعني شباب “النسخة الواحدة” يرى أن كل طريقة مختلفة عنه تعني ضلالاً وخروجاً عن التكليف والولاية.
كما أن للحرب الناعمة عدة أوجه وطرف مختلفة، ثقافية و اجتماعية و انسانية، وجميعها مُعَرَّض للإستهداف، التصدي لها يجب أن يكون أيضاً متنوعاً وعلى أوسع نطاق و ليس بالشعارات و الصور فقط. و يمكن الاستعانة بالمفكريين على عدة أصعدة من أجل التصدي و التنوع والإختلاف لا يفسد في الود قضية طالما أنه لم يخرج عن أعتاب الدين و الفكر الأصيل. شريعتي أوضع منظومة فكرية غنية جدًا على صعيد إصلاح المجتمع من جانبه الأخلاقي و حتى الدينيو استطاع التوجه لجيل الشباب الجامغي المثقق و جذبهم الى الفكر الثوروي، ربما عانى على صعيد الأصول
فلم يقم ليعلم الناس الصلاة و الصيام و الحج، مع انه تحدث عن واجبات الإسلام في عدة كتب و بيّن اثرها على المجتمع، ونقل السيد الخامنئي عن الامام الخميني نقده لكتاب لشريعتي اعتبر انه وجد بعض الأخطاء ولكنه على الصعيد ذاته دافع عن فكر شريعتي و قال بالحرف الواحد لا ينبغي لنا أن نقاتل الرجل لمجرد أربع كلمات في كتابه و ننفي كل عمله و فكره الأصيل فيما تبقى،و مطهري أيضا له طريقته و أسلوبه، و ذكر في آخر ايامه ندمه على انه توسع في العرفان النظري و لم يسعى كثيران في العرفان العملي، ولا ينفي ذلك فكر مطهري أو كتبه بل يعززه و يعزز أن العمل على الصعيد الفردي الروحي و على الصعيد الإجتماعي يجب أن يكون متناسقًا و متناغمًا لإنجاح النهضةالإجتماعية.لا ينبغي للمشاركة في التصدي للحرب الناعمة أن يكون هزيلا و ركيكا و غير متقن، و كما ذكر سماحة السيد الخامنئي ينبغي ان لا يكتفي بسطح المعارف المكتسبة من الشبكة العنكبوتية بل يجب ان يكون مدعمًا بالفكر. كما ولا ينبغي لعناصر هذه الفرد أن تكون عناصر تلقي و بث، بل يجب و بقول القائد، “التفكر و بشكل مستقل، و بالقول الحربي حر الإطلاق “، و هذا التعبير الذي ينفي الرمادية و الرتابة و التلقين. ويكمل ” نعم هناك مصدر مركزي في الحرب، و لكن عند اختلال المنظومة او عجزها عندها يجب الإطلاق الحر. و هنا دور النقد، و دور تسليط الضوء على أي خلل واقع يضر بمسير المعركة و هذا يجب أن يكون اساسيا ولا يجب أن يقابل بالتخويين والاتهام و العنجهية. و بقول القائد يجب أن تقرروا بأنفسكم و تتفكروا و تجدوا و تتحركوا و تبادروا. إذا الميدان ليس مغلق النطاق و ليس حكرًا على فئة دون أخرى و كل القوى و الفئات الفكرية و الثقافية في المجتمع ، من طلاب الجامعات و طلاب الحوزات و الأساتذة و حتى ذوو المناصب لهم الحق في التواجد و يجب عليهم ذلك و مشرّع لهم حرية الأسلوب. ابشع ما نشهده اليوم هو الإقتتال الداخلي ما بين أفراد هذه الحرب، و نزاعهم على غرار قبول اختلاف وجهات النظر. فلا يمكن الإملاء على الناس بالقبول بالقوة ولا يمكن نفي فئة و تكفيرها ان اختلفت في الرأي، بل أحد اوجه تعزيز جبهة هذه الحرب هو اختلاف الآراء و وجهات النظر.
سياسة ( إن لم تكن معنا فأنت ضدنا !)خاطئة.لأنهم لا يستوعبون فكرة أن رأينا ليس صحيحا بالضرورة لمجرد أنه رأينا !
لا تعتمد على نظرتك وحدك للأمور
فلا بد من أن تستفيد من آراء الناس
لأن كل منهم يرى ما لا تراه ..
رأيهم الذي قد يكون صحيحا أو على الأقل , مفيد لك !
رأيك ليس بالضرورة أن يكون صائبا ً
عندما تــُناقش ،ناقش لهدف المناقشة ،لهدف الفهم والوصول إلى نتائج لا غير لا لهدف التحدي والإنتصار فالغاية هي تعميم الفائدة و الرقي بالفكر لا النزاع.
“والعلم ذو كثرة في الصحف منتشرٌ***وأنت يا خِلُّ لم تستكمل الصحفا”
إن أكبر دليل على وجود ثقافة الاختلاف في الإسلام، هو قضية بني قريظة المشهورة: “لا يصليَنَّ أحدكم الظهر-وفي رواية العصر- إلا في بني قريظة”. فهذا الأمر النبوي اختلف الصحابة في تفسيره، لكن هذا الاختلاف لم يصل بهم إلى درجة الشحناء، بل ظل كل يحترم للآخر رأيه، ويقدر اجتهاده.فلذلك ينبغي تقبل الآراء المختلفة و عدم نعتها و وصفها و تصنيفها في ما لا يراد منها و ليست هي عليه.