بمناسبة ذكرى المبعث النبوي الشريف وذكرى الإسراء والمعراج، أقام لقاء علماء صور للتوجيه والإرشاد والمركز الإسلامي للتبليغ، لقاءً علمائياً وحدوياً في مسجد المدرسة الدينية في مدينة صور، بحضور رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمود، رئيس مجلس علماء فلسطين الشيخ حسين قاسم، مفتي صور وجبل عامل الشيخ حسن عبد الله، رئيس لقاء علماء صور الشيخ علي ياسين، وحشد من العلماء من مختلف الطوائف الدينية.
افتتح اللقاء بتلاوة آيات بينات من القرآن الكريم للشيخ علي مهدي، ومن ثم تحدث السيد صفي الدين فشدد على أننا بأمس الحاجة لأن نكون أقوياء في مواجهة العدوان الأميركي والإسرائيلي على محور المقاومة لحصار هذا المحور وإسقاط المقاومة ومشروعيتها وإلقاء بذور الريبة والخوف والهلع في بيئتنا، وأن نحمل الإيمان والقوة والصبر وعدم التراجع مهما كان الثمن.
وقال السيد صفي الدين إن الأميركي يتخيل أنه إذا كان بإمكانه أن يفرض حصاراً ظالماً وجائراً على المقاومة وجمهورها وشعبها وبيئتها، فإنه يمكن أن يؤدي بذلك إلى إيقاف المقاومة، ولكن عليه أن يعلم، أن المقاومة بالنسبة إلينا هي نهج يمتد مئات السنين إلى رسول الله (ص، والبعثة النبوية الشريفة والإسراء والمعراج، فمن الإيمان بالبعثة انبعثت مقاومتنا، ومن عقيدتنا بالإسراء والمعراج، سنعرج بطريق الجهاد والشهداء والتضحية، حتى نعود إلى بيت المقدس بإذن الله تعالى.
وأكد السيد صفي الدين أننا سنبقى في موقع المقاومة والدفاع عن شعوبنا ومنطقتنا ومقدساتنا، وستبقى القدس حاضرة في مفردات مقاومتنا، بل في أولويات مقاومتنا، فلولا القدس لما ذهبنا إلى سوريا، ولما تحملنا كل هذا الحصار والتعب، ونعتقد اليوم أن الأولوية التي لا تدانيها أولوية في أيامنا هذه، هو العمل بجد وجهاد وتضحية وثبات وإصرار نحو طريق واحد يجمعنا جميعاً، هو طريق القدس، لا سيما وأن أرض الإسراء والمعراج ستعود معراجاً لأهل الإيمان والجهاد والتضحية والشهادة في سبيل الله.
وأوضح السيد صفي الدين أن ما قام به شباب فلسطين في يوم الأرض، يؤكد تماماً أن القدس لم ولن تنسى، وأن في القدس وفلسطين وكل عالمنا العربي والإسلامي أبطالاً ومجاهدين، وعليه، فإننا نحيي هذه البطولات والتضحيات لشباب فلسطين في ما قدموه في يوم الأرض، وفي ما يقدمونه في كل يوم من شهداء وجرحى وتضحيات، ونحيي هذا الشعب الفلسطيني على ثباته ووقوفه من أجل الوصول إلى ساعة الحسم، وإن شاء الله نصل وإياه إلى هذه الساعة.
وشدد السيد صفي الدين على أن الشعب الفلسطيني هو شعب مقاوم يعبر اليوم عن حقيقة موقفه في الضفة وغزة وفي كل مكان، وهو لم يكن لشعب الصفقات، ولن يكون شعب صفقة القرن التي يحلم بها ترامب ومن معه من زعماء العرب المنحرفين والضالين والمضلين، الذين يتحكمون بثروات أمتنا، وهؤلاء عليهم أن يعرفوا، أن شعوب منطقتنا قالت كلمتها بالمقاومة، وهي مستمرة.
وأكد السيد صفي الدين أن المقاومة قوية وقوية جداً رغم كل هذا الحصار الأصعب اقتصادياً واجتماعياً ومالياً ومحاولة التشويه بسمعتها والنيل من كرامتها، وهي صاحبة عزم لا يلين، وإرادة فولاذية، ومع كل يوم تشتد إرادتنا صلابة وعزماً، ونشعر أننا أصبحنا أقرب من أي وقت مضى لتحرير فلسطين والقدس، وهذا الذي يجب أن يعرفه ترامب وكوشنير وهذه الأنظمة المتهالكة والمتهاوية والبائسة في عالمنا العربي.
وختم السيد صفي الدين بالقول إن المواقف السياسية الجريئة التي ظهرت في لبنان خلال الأسابيع الأخيرة، هي بشارة خير، ونسأل الله عز وجل أن يديم اللبنانيين على اجتماع كلمتهم ما أمكن، لكي يكونوا موحدين، لأن وحدتهم هي خير جواب لكل هذا الطغيان الأميركي، ولكل هذه الإثارة والمحاولات الأميركية للتدخل في الشأن اللبناني، وفي المقابل، فإننا نسأل الله تعالى أن تكون هذه الهمة التي نراها على المستوى الحكومي والاقتصادي والسياسي والمعيشي، صادقة ومثابرة وموصلة إلى النتائج على المستوى الإقتصادي والاجتماعي والمعيشي.
بدوره نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب دعا إلى الحوار مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي شكلت لقضايا شعوبنا مصدر قوة ودعم وأمل بالمستقبل بدل من اتخاذها عدواً، كما نتوجه إلى القوى السياسية اللبنانية التي تنعم اليوم ببلد مستقر وموحد ومحرر وقوي بفضل ثلاثية الماسية الجيش والشعب والمقاومة، إلى اغتنام هذه الفرصة لبناء وطن مزدهر ينعم أبناؤه بالامن والطمأنينة والحياة العزيزة كما يستحقون، والتعاون لحل مشاكل البلد الاقتصادية، وبعدم التشبث بالمواقف الخشبية لإرضاء القوى الخارجية، وتعويض البلد بالإفلاس، حيث أن المقاومة والجيش اللبناني ومعهما الشعب اللبناني الملتف حولهما، قاموا ويقمون بواجباتهم للحفاظ على حدود البلد وأمن المواطنين، فإن القوى الخارجية التي تآمرت على لبنان وحدوده وسيادته، وغطت العدوان الإسرائيلي وخرقت السيادة اللبنانية، وتمتنع عن الضغط على هذا العدو، لأن لا يتجاوز حدودنا البحرية والبرية والجوية ومن سرقة ثرواتنا النفطية، فهذه القوى لا تريد لنا ولا للبنان خيرا.
وأضاف إننا نقول للولايات المتحدة الأميركية، إن الحصار التي تفرضه على شعبنا، ومحاولة تجويعه لإخضاعنا، لن يخيفنا، وسيبوء بالفشل، كما ندين تأييدها ضم الجولان إلى الكيان الإسرائيلي الغاصب، وفي هذا المجال نثمن موقف فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الجامعة العربية في التنبيه على خطورة ما أقدم عليه رئيس الولايات المتحدة الأميركية على الأراضي اللبنانية المحتلة، وخطورة الموقف الدولي من موضوع النزوح السوري في الضغط على لبنان وسوريا، وهو ما يجب أن يكون عليه الموقف اللبناني الموحد حفاظاً على وحدة لبنان سيادته واستقلاله.
من ناحيته رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمود أشار إلى أن كل واحد منا يستطيع أن يقف على المنبر وأن يأتي بآيات وأحاديث وأحداث من التاريخ مختلف عليها تدعو إلى الفرقة والخصومة التي لا تنتهي، وكل واحد منا يستطيع أن يعمد إلى ما يجمع ويقرب الفقلوب، وبالتالي فإن قرار وحدة المسلمين والأمة والموقف هو قرار يستطيع أن يتخذه أصحاب أولي الألباب.
بدوره رئيس لقاء علماء صور الشيخ علي ياسين رأى أن الأمة الإسلامية في هذه الأيام وضعها يندى له الجبين، إذ تخلو وركنوا إلى الذين كفروا واتخذوهم مستشارين لأهل الكفر والطغيان، فضاعت فلسطين، وقام التكفيريون، ولكن الذين يتحلون بالإسلام المحمدي الأصيل، ويحملون الشريعة السهلة السمحاء، أبقوا على هذا الدين الذي هو مسؤوليتنا جميعاً.
بدوره رئيس مجلس علماء فلسطين الشيخ حسين قاسم التاريخ لفت إلى إن التاريخ يقول لنا بأنه مهما جاء من المحتلين والظالمين، فإن الاحتلال إلى زوال بإذن الله رب العالمين، فمن إسراء سيدنا محمد (ص)، ومن معراجه نقول، إن القدس والأقصى وفلسطين هي مركز الكون، ومحور البشرية جميعاً، طمعت فيها كل الأمم في السابق، ولكن في كل مرة يتحطم على صخرتها كل الطغاة، وعلى أرضها حطم المغول، وحطم الصليبيون، وهزم نابليون، وسيهزم اليهود إن شاء الله.
من ناحيته مفتي صور وجبل عامل الشيخ حسن عبد الله قال من هنا من صور من عرين الإمام المغيب السيد موسى الصدر، ومن المقاومة التي جمعت كل أطياف مجتمعنا اللبناني والفلسطيني والعربي، نطلق رسالة إلى كل مقاوم شريف بأننا معه وإلى جانبه، ولن نتخل عن قضايانا، وفي مقدمة قضايانا قضية فلسطين والقدس، وعيله فإننا لن نهدأ ولن نستكين حتى تحرير القدس وفلسطين كل فلسطين.
بوره الشيخ إبراهيم البريدي ألقى كلمة باسم تجمع علماء فلسطين أكد فيها أن تحرير فلسطين وعودة القدس لا يدرك اتفاقية متسامحة ولا بهبة عظيمة ولا بصدقة ومنّة من أحد، وإنما بذرية محمد (ص) والمؤمنين بمحمد (ص) والمقاومين السائرين على نهج محمد (ص)، لنحرز نصراً عزيزاً بإذن الله تعالى، كاملاً وبالقوة.
وختام الكلمات كانت للشيخ زهير الجعيد متحدثاً باسم جبهة العمل الإسلامي فقال لا تتحرر فلسطين لا بالبيانات ولا بقرارات لا أمم متحدة ولا جامعة عربية التي اجتمعت بالأمس لكي تظهر سوءات العرب، وإنما بالمقاومة والجهاد والتضحية.
وفي الختام أقيمت مأدبة غداء على شرف الحاضرين.
تصوير رامي أمين