الأسر اللبنانية مدينة بأكثر من 21.5 مليار دولار، أي أكثر من نصف الدخل المتاح لها للاستهلاك، وأكثر من 40% من مجمل الناتج المحلي… وبالاستناد إلى إحصاءات مصرف لبنان في عام 2017، تضاعفت الديون الشخصية منذ عام 2010، وارتفع عدد المدينين في هذه الفترة من نحو 500 ألف مدين إلى مليون مدين، 80% منهم تقريباً أفراد لجأوا إلى الاستدانة لتمويل استهلاكهم وشراء مساكنهم وسياراتهم وتسديد أقساطهم.
وإذا كان ارتفاع عدد زبائن مؤسسة ما هو مؤشر على نجاحها، فإن المصارف اللبنانية سجّلت نجاحاً باهراً في هذا المجال، فهي رفعت عدد زبائنها المدينين من نحو 34 ألف زبون في عام 1993 إلى مليون و27 ألف زبون في عام 2017، بزيادة تفوق 3000%. كما رفعت قيمة قروضها للقطاعين العام (الحكومة ومصرف لبنان) والخاص (المؤسسات والأسر والأفراد) من 5.6 مليارات دولار إلى 200 مليار دولار، أي 36 مرّة في 24 سنة، بمعدّل مرّة ونصف مرة كل سنة.
شجّعت سياسات مصرف لبنان على التوسّع في الدين، ولا سيّما عبر دعم فوائد القروض السكنية وتحويلها إلى ما يشبه المطلب الاجتماعي، فارتفعت قيمة هذه القروض من نحو 4.5 مليارات دولار في عام 2010 إلى 13 مليار دولار، وباتت 131 ألف أسرة في لبنان تعيش تحت عبء هذه الرهون وخدمة قروضها السكنية لآجال طويلة تمتد إلى ما بين 20 و30 سنة. كذلك ارتفعت قروض الأفراد من 4.6 مليارات دولار إلى 8.5 مليارات دولار، موزّعة على 665 ألف قرض، 15 ألف قرض منها لتسديد أقساط التعليم، و91 ألفاً لشراء سيارات، و373 ألف قرض استهلاكي، و4 آلاف قرض لشراء المفروشات والأدوات المنزلية، و182 ألف قرض عبر بطاقات الائتمان… جميع هؤلاء هم ضحايا «النجاح المصرفي».