عماد مرمل- الجمهورية
يشعر الرئيس نبيه بري و»حزب الله» بأنهما فعلا كل ما يمكن فعله، وحتى أكثر، من أجل إقناع الحريري بالبقاء في رئاسة الحكومة، الى درجة انّ البعض أخذ عليهما مبالغتهما المفرطة في مسايرة رئيس تيار «المستقبل»، و«تَغنيجه» زيادة عن اللزوم.
لكنّ الثنائي الشيعي كان يستند في إعطاء الاولوية لرئيس «المستقبل» الى حسابات حساسة تأخذ في الاعتبار عوامل عدة، من بينها انّ الحريري هو الأوسع تمثيلاً للطائفة السنية بموجب نتائج الانتخابات النيابية التي يتمسّك بها كلّ من الحزب والحركة، وانّ استمرار الشراكة معه يحصّن الساحة اللبنانية، ولاسيما الاسلامية، ضد خطر الفتنة المذهبية التي لا تزال جمراً تحت الرماد، إضافة الى اقتناعهما بأنّ بقاءه شخصياً في الحكم كان ضرورياً، حتى يكون شريكاً كاملاً في تحمّل مسؤولية التصدي للأزمة الاقتصادية – المالية التي ساهمت خيارات المدرسة الحريرية، عبر عقود، في الوصول اليها.
وضمن هذا السياق، تشير شخصية سياسية كانت متحمسة لعدم الاستغناء عن الحريري في رئاسة الحكومة، الى أنها ارتكزت في مقاربتها على مبدأ أنه لا يصح ان يتهرب الرجل من تحمّل تبعات الانهيار اذا وقع، وأن يقطف النجاح في منعه إذا تحقق من خلال مشاركته في تسمية الرئيس المكلف.
أمّا وأن الحريري حسم خياره بالابتعاد، فإن الثنائي الشيعي يعتبر ان ضميره مرتاح بعدما صبر طويلاً عليه حرصاً على مقتضيات المصلحة العليا، ولاسيما بري الذي يشعر بأنّ الرجل خَذله في طريقة مقاربته مجمل الملف الحكومي، من لحظة استقالته المباغتة حتى الامس القريب، على الرغم من كل الرسائل الايجابية التي وجّهها اليه خلال مراحل التفاوض، وصولاً الى إحضار «لبن العصفور» له، قبل أن يطفح كيله في نهاية المطاف ويقرر التخلّي عنه، بعدما تخلّى هو عن دوره في هذه المرحلة الدقيقة، وفق ما توحي به عين التينة.