إذا كان تحديد رئاسة الجمهورية موعد الاستشارات النيابية الملزمة إشارة إلى تثبيت الاتفاق على الاسم الذي سيُكلّف تأليف الحكومة، فإنه يمكن القول إن يوم الاثنين سيكون موعد دخول سمير الخطيب إلى نادي رؤساء الحكومات.
من حيث المبدأ، حُدّد موعد الاستشارات بعدما تأكد ثلاثي التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل من أن سعد الحريري ملتزم بتسمية الخطيب، ولا يستعمل «نادي رؤساء الحكومات السابقين» لحرق اسمه، كما سبق أن فعل مع محمد الصفدي. لكن مع ذلك، فإن ثمة من لا يزال يعبّر عن خشيته من أن يتراجع الحريري عن دعمه للخطيب، ربطاً برفضه إصدار بيان تأييد له، وربطاً بالبيان الصادر عن رؤساء الحكومات السابقين، والذي أدانوا فيه الاعتداء على صلاحيات رئيس الحكومة من خلال استباق الاستشارات النيابية «وابتداع ما يُسمى رئيساً محتملاً للحكومة». كذلك، يتوقف المشككون في نوايا الحريري عند الخبر الذي نُشر في موقع «لبنان 24» التابع للرئيس نجيب ميقاتي، عند الرابعة بعد ظهر أمس، أي قبل بدء التحركات المسائية، لخبر بعنوان «الطائفة السنية تغلي…» يتطرق إلى «الحركة التي يتولاها وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل لفرض شروط مسبقة على رئيس الحكومة قبل تكليفه»، ويحذر من «محاولات تهميش الطائفة وإذلالها وانعكاساتها السلبية على المستويات الميثاقية والسياسية»، ويعتبرها «عملية قهر تُمارس على الطائفة».
لكن مع ذلك، فإن أولى الخطوات التي كانت كرّست اسم الخطيب هي إعلان الحريري صراحة، وإن في دردشة مع الصحافيين، أنه يدعمه لرئاسة الحكومة. تلك الطريقة في تبنّي ترشيح الخطيب أتت كحلّ وسط بين مطلب إصدار بيان تأييد واضح وبين رفض الحريري استباق الاستشارات النيابية، بحجة الحرص على الأصول الدستورية.
وفي غياب الثقة بالحريري، بعد تجربتين في «حرق الأسماء»، لم يكتف فريق 8 آذار بما سبق. ولهذا تحديداً، كانت زيارة الوزير علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل إلى منزل الحريري يوم الثلاثاء محصورة في الحصول على جواب نهائي من رئيس الحكومة المستقيل. وقد أكد لهما أنه يسير بالخطيب، وسيكون تيار المستقبل جزءاً من الحكومة، لكن ليس بوزراء سياسيين.
وعليه، كانت التوقعات تشير إلى أن اليوم الخميس سيكون موعداً للاستشارات النيابية، إلا أن عدم الاتفاق على بعض التفاصيل المتعلقة بالأسماء والحقائب حال دون ذلك، فكان القرار بإعلان رئاسة الجمهورية الاثنين موعداً للاستشارات، علّ الأيام الفاصلة تساعد في عملية التأليف عبر حلّ العقد التي لم تحلّ بعد ومنها الخلاف المتعلق تحديداً بوزارة الداخلية، التي يريد جبران باسيل أن تكون من حصة «لبنان القوي» إضافة إلى حقيبة الطاقة، وهو ما يرفضه الحريري المصرّ على حقيبتي الداخلية والاتصالات.
هذا الخلاف يصفه مصدر معني بالأمر الطبيعي في سياق مساعي اللحظات الأخيرة لتحصيل بعض المكاسب، والتي لن تؤدي الخلافات بشأنها إلى تعطيل الاتفاق.
في المفاوضات الحكومية، لم يأخذ أحد مسألة تمثيل وجوه من الانتفاضة في الحسبان، كما لم يسع أي طرف إلى تغيير نمط التعامل مع عملية التأليف، التي انتهت بمحاصصة طائفية وسياسية تقليدية على رأسها شخصية تنتمي إلى نادي رجال أعمال السلطة. ولذلك، بدأت تصدر دعوات متعددة للرد على السلطة في الشارع، من خلال قطع الطرقات والإضراب والعصيان المدني، وصولاً إلى السعي يوم الاثنين إلى تطيير الاستشارات النيابية. ومنذ ليل أمس، شهد جسر فؤاد شهاب توافد أعداد كبيرة من المعتصمين بدأت بالتجمع منذ إعلان موعد الاستشارات، وقد حاولت قوات مكافحة الشغب مراراً فتح الطريق من دون جدوى.