من صفحة حسن شرف الدين:
في يوم الصحافة، لا يسعني إلا أن أذكر إسمًا
وعَلمًا مُغيّبًا، عمِل في الصحافة عمل نضال، وكتب للحق حتى لو كلفه الإعتقال،العالم و المُربي و الأديب اللامع، والصحافي الناقد اللاذع، السيد صدر الدين شرف الدين الموسوي العاملي (١٩١١-١٩٧٠)،
صاحب جريدة الساعة في العراق و مجلتي النهج والألواح في لبنان، وصاحب الكتب والمقالات العديدة، في مجلات وصحف :العرفان والمعهد والأديب والأحد، وكتبه المتوزعة بين التاريخ والتحقيق الإسلامي والتاريخ والتحقيق السياسي العربي، منها:
هاشم وأمية في صدر الجاهلية، حليف مخزوم عمار بن ياسر، زيارة الأربعين، كان في اليمامة، صورة العراق وحاضره ، في قطار الزمن سحابة بورتسموث .. وغيرها، والأخير كان سببًا في إعتقاله وإغلاق جريدته الساعة في العراق وإسقاط الجنسية عنه ونفيه،لأجل مافضحه من تآمر للسلطات العراقية مع الاستعمار البريطاني، وفي هذا السياق قالت آنذاك مجلة المعهد في تقريضها للكتاب:
“لم تستطع المغريات التي كثيراً ما جرت الأقلام إلى الهوة، وسخرتها لغاياتها، أن تحمله على تجنب جادة الحق، أو أن تسير به في سُبل ملتوية، بل سخر بها بابتسامة هازئة عريضة ظهرت على ثغره وضرب لها مثالاً رائعاً بازدراء الأباطيل في سبيل الحقائق، وأعطاها أمثولة قاسية صفع بها صلفها”.
وكذلك، وكانت مجلة العرفان اللبنانية المعاصرة للاحداث قد ذكرت في عددها الصادر في اذار 1949 خبر اعتقال السيد صدر الدين وان ذلك تم في اطار الحملة التي شنتها السلطات العراقية لملاحقة الشيوعيين واشارت الى ذلك بما نصه : ( ساءنا اعتقال الاستاذ السعيد صدر الدين شرف الدين صاحب جريدة الساعة مع انه ضد الشيوعية ) ثم عادت المجلة ونشرت خبرا تحت عنوان: (السيد صدر الدين يعود من العراق ) في عددها الصادر بتموز من عام 1949 عبرت فيه عن اسفها ( لمقابلة جهاده في سبيل القضية الوطنية العراقية بصورة عامة وموقفه المشرف من معاهدة بورتسموث بصورة خاصة بنزع جنسيته العراقية وفرض الاقامة الجبرية عليه في بغداد ثم نفيه الى لبنان…).
مما قال فيه والده السيد عبد الحسين شرف الدين:
“إذا كان الحديث على صعيد الحق فلن أُعاب بشهادة أدلي بها إلى الناس في فضل ولد من أولادي، وقفت منه على فضل لو رأيته – شهد الله – لعدو من أعدائي لما تمالكت دون الإعجاب به، ولما ملكت إلا إعلان ما أعجبني منه”.
وأضاف أيضاً في معرض الحديث عنه “أعترف أن صدر الدين أبقى ما انحسرت عنه الثمانون من عمري. فهو كنز من قيم شتى، كل قيمة منها ترجع بصاحبها على أمثالها في علم ودين ومروءة ونجدة ونضال وفن. فإن كان لي أن أتمنى على الله فأرجوه – عز اسمه – أن يثيب شيخوختي بتوفيق ولدي هذا لإتمام أشواط صاعدة بعزائمه الإيمانية التي لا تحتاج الأمة شيئاً كما تحتاج اليه”.
وقال فیه السید نور الدین شرف الدین:
(ناضل نضال الابطال وجاهد جهاد الاجراء وكان بالمرصاد لكل من تسول له نفسه بالخيانة او الغدر او مداهنة الطامعين في العراق وخيراتها , وكان في ذلك كله شديد الوطأة صعب المراس لا يلين ولا يستكين ولا يميل مع النعماء كيف تميل , ولو اتسع صدره للنعماء او مالت نفسه للخيلاء بالجاه الواسع العريض لكان منهما له نصيب وافر وحظ كبير )
وأذكر مقطعًا من أحد مقالاته الجريئة (سموم التكية) التي يصف بها مناهج الحفلات والمأتم التي تقام بمناسبات دينية او وطنية او قومية ولمرات عديدة في كل عام ويحضرها جمهور غفير وكانت حينذاك في إطار مسؤولية تنوير المجتمع اللبناني بشكل عام وابناء جنوب لبنان بشكل خاص في الدفاع عن حقوقه المهضومة مسألة طالها الاهمال والتقصير وجاء فيها: ” واذا كان علينا ان نتحمل عبأ التضحية في سبيل الحق , فأني اجهر بالقول : ان هذه الحفلات بوضعها الحاضر انما هي تكريس للجمود , وتضليل للعقول , او هي سوق سوداء تباع فيها المخدرات بأسم الدين واسم الطائفة , او هي مدارس تربي الاحقاد , وتثير الضغائن , وتغري الاخ بأخيه , لتشغل الرأي العام عن همومه المقدسة , وحقوقه المداسة بتوافه العصبيات التي تطيل اسره في سجن الاستعمار .. “وواصل السيد صدر الدين هجومه العنيف هذا على تلك الحفلات مبينا خطورة الدور الذي يمثله بعض الوعاظ المحاضرين فيها على المجتمع اذ “ان كثيرا من الدجالين يطلون على الناس من المنابر والصحف فيخدعونهم بما يحفظون، او يسرقون ، وليس الخطر من انتفاع هؤلاء الدجالين بلقمة يأكلونها او شهرة يلتمسونها ،وإنما الخطر من اغتشاش الناس بالاغذية العفنة التي يقدمونها.إن القوانيين التي تحارب الطبيب المشعوذ ،وتعاقب الصيدلي الغشاش ،وتطارد الصيرفي المزور،لا تبيح بضاعة (الواعظ) المخدر ،فإذا كانت شعوذة الطبيب تميت الناس افرادا، فإن شعوذة هذا تميتهم جماعات وافواجًا”
سعى السيد صدر الدين بنفسه للمساهمة بتطوير التعليم في لبنان ونشر العلم في بعض مناطقه التي تعاني من الجهل وخصوصًا في محافظة جنوب لبنان ” جبل عامل” ، وقد تطوع لهذه الغاية حاملا رسالة الوطن من شكواه الى أبنائه المهاجرين في بلاد المهجر نيابة عن والده السيد عبد الحسين شرف الدين وأشار الى أهمية دعم قطاع التعليم في لبنان وكيف أن مساهمات المهاجرين ستساعد بشدة فقال: ” إن شيطان الجهل القى بأزمة البلاد الى قبضة من النفعيين وباعة الضمائر أفسدوا حياة الناس ، فكان ما كان من نزعات فردية ومبادئ وصولية ومساوئ خلقية وعصبيات طائفية واخرى اقليمية ،شدوا بها علينا ،ومؤكدا لهم ان هذه المحنة المزمنة التي عاشها لبنان لا مخرج منها ، الا بالعلم، والتهذيب ، وسلامة التعبئة ، ونصوغ أنفسنا على قالب اجتماعي صحيح وفق سياسة تُتبع من تنفسنا وتبتنى على اسس من قيم الاقتصاد والصناعة والاختصاص والاستقلال في ذلك جميعًا ”
ومن الاعمال الاخرى التي قام بها السيد صدر الدين شرف الدين في لبنان اشرافه على مدرسة اهلية انشأها في صور مع ابنه البكر السيد مصطفى شرف الدين عام 1961عرفت باسم ( مدرسة النجاح الابتدائية ) , كما ساهم بتأسيس ( جمعية الانماء الثقافي الاجتماعي ) في صور عام 1962, ثم طور مدرسة النجاح الى ثانوية وذلك عام 1968.
المصدر:
دراسة للدكتور مجيد حميد عباس الحدراوي-كلية الآداب جامعة الكوفة.
الرابط في التعليق الأول.