في 21 أيار الماضي، أقرّ رئيس الحكومة حسان دياب بأن «نصف الأسر اللبنانية ستصبح عاجزة عن شراء الطعام نهاية العام الجاري». إقرار عزّزه تقرير حديث صادر عن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، جاء فيه أن «معدل انتشار الفقر في لبنان سيرتفع من 37 في المئة عام 2019 إلى 45 في المئة عام 2020. ومن المتوقع أن يصيب الفقر المدقع وانعدام الأمن الغذائي ما نسبته 22 في المئة من السكان، مقارنة بـ16 في المئة في عام 2019». هذه المعدلات التي استندت إلى دراسات للبنك الدولي، أنتجت تقديرات صادمة ستصبح أمراً واقعاً يوسم العام الاستثنائي: تسجيل 335 ألف أسرة لبنانية فقيرة في عام 2020، منها 163 ألف أسرة تحت خط الفقر الغذائي، أي ما يعادل مليون شخص في بلد تعداد سكانه الرسمي أربعة ملايين!
الناطقة الإعلامية باسم البرنامج ملاك جعفر قالت لـ«الأخبار» إن «تزايد الفقر سيؤدي إلى عدم تمكن الأسر من شراء احتياجاتها الغذائية اليومية المعتادة، وستختار الحصول على طعام أرخص، وتواجه صعوبات في دفع الإيجارات، وقد تضطر إلى تغيير مكان سكنها وتصبح أقل قدرة على الحركة لعدم القدرة على دفع تكاليف النقل، فضلاً عن عدم القدرة على دفع النفقات الصحية اللازمة وتغطية تكاليف التعليم».
ووفق مسح أجراه البرنامج لأسعار السلة الغذائية التي يقدمها شهرياً لـ14 ألف لبناني وسوري من أكثر من 400 متجر، تبين أن أسعار سلة السلع الغذائية الأساسية (الأرز والبرغل والمعكرونة والفاصوليا البيضاء والسكر والزيت والملح واللحوم المعلبة) ارتفعت بنسبة 56 في المئة بين أيلول 2019 ونيسان 2020. «الارتفاع الحاد أدى إلى انخفاض قدرة الأسر اللبنانية، ولا سيما الأشد فقراً منها، على توفير الغذاء الكافي إلى حد كبير إلى جانب التضخم الذي يؤثر على المنتجات والخدمات غير الغذائية وانخفاض قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار والبطالة وتخفيضات الرواتب».
وفي التفاصيل، بلغ سعر السلة الغذائية في منتصف أيلول 2019 نحو 37 ألفاً و706 ليرات، وارتفع إلى 58 ألفاً و868 ليرة بداية نيسان الماضي. الارتفاع قفز بشكل صاروخي بين آذار ومنتصف نيسان (من 52 ألفاً إلى 58 ألفاً) ربطاً بوصول سعر صرف الدولار إلى ما يزيد على 4 آلاف ليرة في السوق السوداء، أي بفارق 165 في المئة عن السعر الرسمي. واللافت أنه بدءاً من الأسبوع الثالث من نيسان، ارتفع سعر السلة إلى 62 ألفاً قبل أن يصل إلى 70 ألفاً بين 27 و30 نيسان. ولدى التدقيق في أسعار السلع على حدة، يظهر أن أسعار الزيوت النباتية ارتفعت بين أيلول ونيسان بنسبة 98 في المئة، فيما ارتفع السكر بنسبة 94 في المئة والبرغل بنسبة 80 في المئة والفاصوليا بنسبة 67 في المئة والأرز المصري بنسبة 65 في المئة.
سُجّل أعلى معدل لارتفاع الأسعار بين المناطق في محافظة بعلبك ــ الهرمل
رصد البرنامج سجل انخفاضاً في نسب استيراد المواد الغذائية بين تشرين الأول 2019 وآذار 2020، بنسبة 14 في المئة بسبب اضطراب سعر صرف الدولار. فقد استورد لبنان 10 ملايين طن من المواد الغذائية بين 2015 و2016، في وقت كان فيه الإنتاج المحلي من الحبوب لا يسد أكثر من 20 في المئة من حاجة السوق. وفي الفترة ذاتها بين 2019 و2020، بلغ حجم الاستيراد 7 ملايين طن. وللمفارقة، سجّل أعلى معدل لارتفاع الأسعار بين المناطق في محافظة بعلبك – الهرمل التي يفترض أن تكتفي ذاتياً من مؤونتها الزراعية في حال استفادت من سياسات رسمية سليمة. لكن معدل سعر السلة الغذائية بلغ لديها 65 ألف ليرة في شهر نيسان.
رصد الأسعار طال أيضاً مواد التنظيف والتعقيم بين أيلول ونيسان الماضيين. ولاحظ البرنامج أن سعر المبيّض ارتفع بنسبة 64 في المئة، ومسحوق الغسيل بنسبة 58 في المئة، والصابون والمناديل المعقمة بنسبة 32 في المئة.
al-akhbar