افتتح وزير الصناعة الدكتور عماد حب الله قبل ظهر اليوم سوق المزارع “خيرات جبل عامل”، الذي ينظمه الاتحاد التعاوني الاقليمي في جنوب لبنان وجمعية الشجرة الطيبة وذلك باحتفال أقيم عند المدخل الشمالي لمدينة صور في بلدة العباسية، حضره عضوا كتلة الوفاء للمقاومة النائبان حسن عز الدين وحسين جشي، مسؤول منطقة الجنوب الأولى في حزب الله الحاج عبد الله ناصر، وفد من حركة أمل إقليم جبل عامل، مدير عام مؤسسة جهاد البناء الإنمائية الدكتور محمد الخنسا، رئيس مصلحة الزراعة في الجنوب المهندسة سوسن حمزة، رئيس أساقفة أبرشية صور المارونيّة المطران شكر الله نبيل الحاج، مفتي صور وجبل عامل الشيخ حسن عبد الله ممثلاً بالشيخ ربيع قبيسي، مفتي صور ومنطقتها الشيخ مدرار الحبال ممثلاً بالشيخ عدنان الداوود، رئيس بلدية العباسية علي عز الدين، وممثلون عن المؤسسات والجمعيات الزراعية، وعدد من المزارعين والأهالي.
قدم الاحتفال رئيس الاتحاد التعاوني الاقليمي في جنوب لبنان عماد قصير، وبعدها تُليت آيات بينات من القرآن الكريم، ليتحدث بعد ذلك رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في صيدا والجنوب محمد صالح حيث قال:” إننا نلتقي اليوم في مدينة صور، مدينة الحضارة والمقاومة، لافتتاح سوق المزارع الذي ينظمه الاتحاد التعاوني الاقليمي في جنوب لبنان وجمعية الشجرة الطيبة، وهي اليوم تستقبل المزارعين ومنتجي الصناعات الغذائية والحرفية التقليدية من قرى وبلدات جبل عامل لعرض وتسويق منتجاتهم الزراعية المصنّعة.
وأضاف صالح كما تعلمون بات موضوع الأمن الغذائي حاجة ملحة في هذه الظروف التي يمر بها اقتصادنا، وإن تحديات هذه المرحلة تتطلب منا تنويع الانتاج الزراعي، وزيادة المحاصيل الزراعية، ونحن من موقعنا في غرفة الصناعة والتجارة والزراعة في صيدا والجنوب أخذنا على عاتقنا عملية التطوير للزراعات القديمة، واعتماد الأصناف الجديدة المرتفعة الانتاج والأسعار، وباشرنا في تطبيق خطة عمل ترتكز على نوعية المزارعين، وتوعيتهم على ضرورة تحسين نوعية أصناف الزراعية القديمة، واعتماد أصناف جديدة قابلة للتصدير، وتحافظ على أسعار جيدة في الأسواق المحلية والعالمية، وتلبي احتياجات الصناعات الغذائية، كما يتم تنظيم برامج لتسويق المنتجات وورش عمل لتدريب العاملين في هذا القطاع، وتحديث عملية جودة التصنيع والتوضيب.
وختم صالح بالقول إننا نستغل فرصة وجود معالي الوزير بيننا لنؤكد على ضرورة تظافر الجهود والتعاون بين كافة الجهات المعنية، وخاصة وزارة الصناعة، لدعم قطاع الصناعات الغذائية التي يساهم بحوالي 21 بالمئة من حل الصادرات الصناعية في تصريف الفائض للمحاصيل الزراعية، وفي خلق فرص العمل.
ومن ثم تحدث النائب عز الدين فرأى أن هذا العمل هو خطوة مهمة في مسار التطوير والبناء، باعتبارها خيراً لهؤلاء الناس المستضعفين والفقراء، الذين ثبتوا في هذه الأرض، فضلاً عن أنها تشكل مدماكاً أساسياً في مسار بناء المجتمع المقاوم، وتساعده على الصمود والتصدي، والبقاء والثبات وبقوة، ويتجذر في هذه الأرض التي ارتوت بدماء الشهداء، وآلام الجرحى، وآهات الأمهات.
وأضاف النائب عز الدين إن هذه الخطوة التي تثبت هؤلاء الناس تأتي في سياق مواجهة خطرين اثنين، خطر العدو الصهيوني الذي يتربص بلبنان الوطن والتنوع الديني والثقافي، والتعددية السياسية، لينقض عليه في أي لحظة يراها مناسبة، وخطر الفقر والحرمان والبؤس، الذي قد يتحول في لحظة إلى تهديد حقيقي للوحدة الوطنية والوفاق الوطني، ويهدد السلم الأهالي.
وشدد النائب عز الدين على ضرورة أن تغادر الحكومة الرؤية الاقتصادية القائمة على الريع لمصلحة الاقتصاد المنتج المقاوم، والاقتصاد الذي يقوم على دعامتين اثنين، الصناعة والزراعة، وهما المدماكان الأساسيان لتطوير بنية الانتاج، وتطوير الصناعة الوطنية والزراعة التي نأكل منها، وويل لأمة تلبس مما لا تصنّع، وتأكل مما لا تزرع.
واعتبر النائب عز الدين أن المصرف المركزي والمصارف هما المسؤولان عن أموال هؤلاء الناس الفقراء الذين يحاولون بكل جهودهم أن يعيشوا بكرامة، ويرفضوا الإذلال والذل، ولذلك نحن هنا أيضاً، وفي محضر وزير الصناعة نناشد الحكومة بأن تعمل للإسراع في إقرار السلة الغذائية التي تشكل الأمور الأساسية لحياة الإنسان الفقير والمستضعف، وأيضاً أن تتصدى للغلاء، وعليها أن تغادر حالة التردد في حسم الخيارات، لأن لبنان وشعبه لم يعد يطيق التردد في الخيارات، خاصة أن الخيار الذي يحاول البعض تسويقه، لم يؤتِ أكله على الإطلاق أبداً، وبالتالي نحن معنيون أن نذهب إلى الخيار الذي يؤمًن لقمة العيش والسيادة الوطنية وحفظ الثروات التي نمتلكها، ويساهم في الوحدة الوطنية، لأن الجوع كافر لا دين ولا مذهب له.
الوزير حب الله
من ناحيته راعي الاحتفال الوزير حب الله قال يشرّفني أن ألبّي دعوة “جمعية الشجرة الطيّبة” لافتتاح “سوق المزارع – خيرات جبل عامل”، ويشرّفني مشاركة ناسِنا الطيّبين والخيّرين الذين يزرعون ويحصدون ويقطفون ويصنّعون، فنأكل ونشرب ونتنّعم من تعب أيديهم وعرق جبينهم، وأهنئ المبادرين إلى اقامة هذا النشاط المخصّص لإتاحة الفرصة أمام المنتجين لبيع الانتاج الزراعي والغذائي والصناعي بطريقة مباشرة ومن دون وسيط.
وقال الوزير حب الله إنني أؤكد على حاجتنا كلبنانيين اليوم أكثر من أيّ وقت مضى، إلى نشاطات اقتصادية – اجتماعية، ومبادرات تضامنية – تعاضدية مماثلة من أجل تخفيف وطأة صعوبة المعيشة والغلاء الفاحش، عن كاهل المواطن الذي يجهد لتأمين لقمة عيشه بكرامة وعزّة نفس، وقد قلنا اننا سنتجه شرقا وها نحن نتجه شرقا، ومصلحة لبنان واللبنانيات واللبنانيين هي العليا.
وأضاف الوزير حب الله إننا نجتمع اليومَ، في منطقةِ صور، وعلى مشارفِ مدينةِ صور، في قلب جبل عامل، هذه المنطقةُ التي شكلت على مدى التاريخٍ قلبَ العالمِ وعقلَ العالمِ وفكر العالم وثروةَ العالم، فمن هنا انطلقَ الحرفُ الأولُ إلى كلِّ العالم، ومن هنا أبحرت أعظمُ سفنِ العالمِ، وهنا كانت أغنى منطقةٍ في العالم، وهنا سطرت أطهر مقاومة في العالم ملاحم الانتصارات، ولا أتحدثُ عن التاريخِ الا لاقول إن الإنسانَ الذي صنعَ التاريخَ الذي مضى، هو الإنسانُ نفسُه الذي بإمكانِه أن يصنعَ التاريخَ الذي يأتي.
وأردف الوزير حب الله ثمةَ قاعدةٌ واحدةٌ لا غيرَ في كلِّ العلومِ والمعارف، وهذه القاعدةُ عنوانُها الإنسان، فعقلُ الإنسانِ هو أصلُ كلِّ أنواعِ العلوم، من علومِ الصناعةِ إلى علومِ التكنولوجيا، ومن الرياضياتِ إلى الهندسةِ، ومن علومِ الحسابِ إلى علومِ الزراعةِ والذرَّة، فكل هذه العلومِ أبدعَها عقلُ الإنسانِ، وتفكيرُ الإنسانِ، وتجربةُ الإنسانِ، وخبرةُ الإنسان، فالإنسان هو ثروةُ نفسهِ، وأصلُ الثروةِ هو عقلُ الإنسانِ ذاتهِ.
وتابع الوزير حب الله نمرُّ اليومَ في فترةٍ عصيبةٍ، لا تشبهُها أيُّ فترةٍ أخرى منذ مائةِ سنةٍ، منذ فترةِ المجاعةِ التي عرفَها اللبنانيون في الحرب العالمية الأولى، ماذا نفعل؟ ماذا نعمل؟ كيف يمكنُ أن نواجهَ هذه الفترةَ السوداءَ وننتصرَ عليها؟ كلنا يسألُ هذه الأسئلةَ، وكلنا يتساءلُ ماذا عن اليومِ التالي؟ اليومُ التالي ليس بالضرورةِ أن يكونَ دهراً علينا، بل نحولَهُ إلى فرصةٍ لنتغلبَ عليه، كيف ذلك؟ من خلالِ أن نأكلَ مما نزرع، مؤمنين أنه: ويلٌ لأمةٍ تلبسُ مما لا تنسج، وتأكلُ مما لا تزرع.
وقال الوزير حب الله الإقتصادُ الريعي هو اقتصاد التبعية، الإقتصادُ الحقيقي هو الصناعةُ والزراعةُ، هو الانتاج، وما يأتي بعدَهُما فروعٌ وروافدُ، فيما الأصلُ يبقى أصلاً،وعلى هذه القاعدةِ، نعودُ مرةً ثانيةً إلى دورِ الإنسانِ، وإلى عقلِ الإنسانِ وإبداعِهِ، وفي كيفية أن يعيدَ علاقتَهُ بالأرضِ،ألسنا نرددُ دائماً: أُمُّنا الأرض؟ ألا يستدعينا ذلكَ للعودةِ إلى حنانِ الأرضِ ودفءِ الأرضِ وعطاءِ الأرض؟
ولفت الوزير حب الله إلى أن البعض يقول إن العودةَ إلى الأرضِ لا تكفي، نظراً لضيقِ مساحتِها، أو وعورتِها، أو لأسبابٍ مختلفةٍ، ذلك صحيحٌ جزئياً، والصحيحُ الكلي المطلق هو: أنه إذا كانت العودةُ إلى الأرضِ لا تكفي، إلا أنها تكفي لأكثرَ وأكثرَ وأكثر من كفافِ اليوم ومما ورطتْ لبنانَ فيه منظومة الفسادِ، وكلُّ من يَزعمُ (وهنا أتكلمُ في السياسة) أن العودةَ إلى الأرضِ دعوةٌ ناقصةٌ، أقولُ لهُ: لا كمالَ ولا اكتمالَ في الإقتصادِ، أو في الأمنِ الغذائي أو الأمنِ الإجتماعي إلا في العودةِ إلى الأرض، إلى تصبّب العرق الأول للإنسان، وإلى الرغيفِ الأولِ للإنسان، وإلى اللقمةِ الأولى للإنسان، وإلى مقاومةٍ انتاجيةٍ.
واعتبر الوزير حب الله أن العودةُ إلى الأرضِ، وإن كانت تعني الزراعةَ في عنوانِها العام، إلا أنها تعني الصناعةَ في عنوانِها أيضاً، فعمرانُ الأرضِ، يكونُ بالصناعاتِ والحرفِ والمهنِ على أنواعِها، وفي هذا الجانبِ نقول: في بلادِنا الكثيرُ من الصناعاتِ المبدعةِ والتي تدخلُ في بابِ الفنونِ الجميلةِ، والتي كانت تنتجُها أيادٍ مبدعةٌ وعقولٌ مبدعة، أليسَ من المناسبِ أن نعيدَ إحياءَها؟ وفي بلادِنا الكثيرُ من العمالِ المهرةِ والمبدعينَ، الذين كانوا يُزوِّدونَ الأسواقَ المحليةَ والخارجيةَ بالمنتوجاتِ الوطنيةِ من النسيجِ والقطنياتِ وما إلى ذلك، ألسنا أمامَ فرصةٍ لإعادةِ إحياءِ هذه الصناعاتِ حتى نلبسَ مما ننسج، وحتى نوفرَ فرصَ عملٍ لآلاف المحتاجين لعملٍ أو وظيفة؟ بعدَ كلِّ ذلك، يأتي دورُ المستثمرينَ والمتمولينَ اللبنانيينَ الكبار الذين أحيوا لبنان لعقود، إنَّها فرصةٌ ـ
وأضاف الوزير حب الله في هذا الظرفِ العصيبِ وفي هذه المرحلةِ العصيبة ففي زمنِ الشدائدِ يتجلَّى المقاومون! يجب أن يأخذَ المستثمرون والمتمولون الوطنيون فرصتَهم في إعادةِ بناءِ لبنان، على أسسِ الاستثمار الوطني، والتمويلِ الوطني، والتصنيعِ الوطني، بحيثُ تصبحُ علامةُ: “صُنعَ في لبنان، للبنانَ والعالم” شهادةَ اعتزازٍ وفخرٍ ومجدٍ لكلِّ اللبنانيين في الداخلِ والخارج.
وتابع الوزير حب الله يبقى أن أسألَ معكم: ما دورُ الدولةِ والحكومة اللبنانية؟، وعليه، فإن الحكومةَ اللبنانيةَ ماضيةٌ في اعطاءِ الأولويةِ لتلبيةِ حاجات الصناعيين والمزارعين، لأن القطاعين الصناعي والزراعي يشكلان ركناً أساسياً من أركانِ الاقتصادِ الوطني، ويؤمّنان فرصَ العمل، ويثبّتان المواطنَ في أرضِه، وأتمنّى أن يعزّز “سوقُ المزارع” الحركةَ التجارية والتبادلية، ويساهمَ في تصريف الانتاج الغذائي والزراعي في صور وجوارِها، ويكون نموذجاً يُطبّق في مختلف المناطق اللبنانية.
وأكد الوزير حب الله أن وزارة الصناعة تشدد على التقيّدِ بالمواصفاتِ في الانتاجِ والتتبّعِ والتعبئةِ والتوضيبِ والتغليفِ وسلامةِ الغذاءِ كمبدأ أساسي يجب الالتزام به، وكلّها عناصرٌ مكمّلةٌ لبعضِها البعض، وتبدأ بالتوعيةِ والارشادِ، كما تعملُ الوزارةُ على ترسيخِ جودةِ الانتاجِ والمنتجاتِ الصناعيةِ، وصولاً إلى تحقيق الأمن الغذائي.
وشدد الوزير حب الله على أن هناك تعاونٌ وثيق بين وزارتي الصناعة والزراعة على تشجيع مسارات الانتاج في حقول الصناعات الزراعية، الأمرُ الذي يؤدّي إلى التكاملِ بينَ القطاعينِ واستثمارِ المساحةِ الأكبرِ من الأراضيِ والمشاعاتِ الصالحةِ للزراعةِ، وزيادةِ الإنتاجِ، والقدرةِ التنافسيةِ والتصديريةِ، ورفعِ مستوياتِ المعيشةِ.
وأشار الوزير حب الله إلى أن دورُ الدولةِ في هذه المرحلةِ بالذات، محاولةُ إنهاضِ الإقتصادِ بثلاثيةٍ لا بديلَ عنها، وهي: الزراعةُ الوطنيةُ والصناعةُ الوطنيةُ مدعومان بقطاعِ السياحةِ، وبناءً على ذلك، فإنَّ من واجباتِ الدولةِ، وهذا ما نعملُ عليهِ، توفيرُ الحمايةِ للصناعاتِ الوطنيةِ، ومن هنا ومن أرضِ المقاومةِ والانتصاراتِ التي يفوحُ عطرُ الشهداءِ من كلِّ حبةِ ترابٍ فيها وفي تَوَهُّجِ عرَقِ كلِ مزارعٍ فيها، ومن تحتِ كلٍّ من حجارها ومن فوقِ كلٍّ من جبالِها وسفوحِها وهضابِها.
وختم الوزير حب الله بالقول أتمنّى لكم النجاح، وأتطلّع إلى أن يشكّل “سوق المزارع في صور” فرصة مهمّة للتعاون المشترك الذي هو السبيل إلى تحقيق التنمية المستدامة من خلال بناء شراكة حقيقية بين الدولة ومؤسساتها والقطاع الخاص على حدّ سواء.”
وبعدها قص الوزير حب الله شريط افتتاح السوق، الذي سيفتتح أبوابه أمام الزوار كل يوم سبت من الساعة التاسعة صباحاً حتى الثامنة مساء على مدار السنة.