لبنان سيفقد السيطرة على كورونا إذا لم يتحرك سريعاً
لإقفال المؤسسات والمدارس وإعادة تشديد إجراءات السفر
نعتقد أن التعامل مع الوباء في لبنان نجح في الإبقاء على أعداد منخفضة نسبياً خلال الفترة الأولى من ظهور انتشار الوباء. لكن خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، شهدنا ارتفاعاً تدريجياً في عدد الحالات بسبب فتح البلاد ومجيء المغتربين والتخفيف من الإجراءات المرتبطة بالإغلاق. وارتفاع عدد الاصابات في الأيام الأخيرة مرتبط ارتباطاً وثيقاً بانفجار مرفأ بيروت وتبعاته. ما يُقلقنا هو أنه بعد الانفجار، تراجعت مرتبة الوباء في سلم الأولويات. نحن نتفهم ذلك، ولكن على الجهود أن تستمر لتعزيز الإجراءات الصحية الواجب اعتمادها وتشجيع السكان للحد من الانتشار، كارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي والنظافة الشخصية. ونعتقد أنه في حال تم تطبيق هذه الإجراءات في الوضع الحالي بأسرع وقت ممكن، يمكن احتواء الوباء والسيطرة عليه، ولن يكون الأوان قد فات بعد. ولكن يجب التحرّك سريعاً، وإلّا فسنفقد السيطرة وسيصبح الانتشار أوسع بكثير.
ما هي أبرز التوصيات الواجب اتباعها مع مراعاة الهواجس الاقتصادية؟
ثمة أربع نقاط ترى المنظمة أنه يجب مراعاتها في ما خص الخطة الواجب اعتمادها. الأولى مرتبطة بالسكان، إذ يجب العمل على تشجيع مختلف الفئات على اتباع التوصيات المرتبطة بالوقاية والتركيز على أهميتها حتى لو كان الناس لا يزالون مشغولين بنتائج الانفجار. الثانية مرتبطة بتوسيع الإجراءات الصحية المُتّبعة والتدابير المرتبطة بمواجهة الانتشار، من عزل وتتبع حالات مشتبه في إصابتها والمُصابين ورفع عدد الفحوصات وتقديم العلاجات المناسبة للمُصابين عند الضرورة. النقطة الثالثة تتعلق بالتدابير الاجتماعية المُناسبة، كإقفال المؤسسات التجارية والمدارس وإعادة التشديد على إجراءات السفر، والرابعة تتعلق بضرورة التنسيق والتواصل بين مختلف الجهات والأطراف المعنيين.
ما هي أبرز التحديات التي يواجهها لبنان في مواجهته للوباء؟
أمام لبنان تحديات متعددة، أولها ما يتعلّق بالفيروس نفسه. فهو فيروس جديد ولا نملك الكثير من المعلومات عنه، ولديه قدرة على الانتشار سريعاً. وبالتالي، من الطبيعي أن تكون هناك تحديات تقنية مرتبطة بالوباء. الفيروس موجود في لبنان منذ فترة طويلة، والجهات المعنية كانت تتعامل بطريقة جيدة معه، وكانت هناك قدرة على السيطرة عليه. لكن، أخيراً، الناس تعبوا من اتباع إجراءات الوقاية، وإعادة إقناعهم بذلك تحدّ آخر. أضف الى ذلك الأزمة الاقتصادية التي تمر فيها البلاد، والتي فاقمتها الأزمة السياسية، ما ولّد تحديات أكثر أمام الجهات المعنية لاحتواء الوباء. وأخيراً، سبّب انفجار مرفأ بيروت عبئاً على الجسم الصحي في لبنان. فهناك اليوم ثلاثة مُستشفيات خارج الخدمة تماماً، وثلاثة تعمل بشكل جزئي. وقد بيّن المسح الذي أجرته المنظمة على 55 مركزاً للرعاية الصحية الأولية أن نحو نصفها فقط قادر على القيام بعمله. حالياً هناك مساعدات دولية لتقديم الدعم في هذا المجال، ولكن يجب التركيز على ألا تكون هذه المساعدات مخصّصة لجرحى الانفجار حصراً، بل أن تُستثمر لإعادة التوازن واتخاذ إجراءات صارمة في ما خص كورونا، لأننا لا نزال قادرين حتى الآن على السيطرة على الوباء. ومنظمة الصحة العالمية ستكون دائماً موجودة في حال احتاج لبنان.
إقناع الناس بإعادة اتباع الإجراءات يُمثّل تحدياً وما زلنا في مرحلة نحن قادرون فيها على السيطرة على الوباء
يبدو أن موقف المنظمة من اللقاح الروسي لم يتضح بعد بشكل حاسم؟
بالعكس، إنّ لدى المنظمة موقف واضح من اللقاحات، وهي ترحّب دائماً بالجهود الجبارة المبذولة في كل أنحاء العالم بهدف السيطرة على الوباء. ولكن لدينا خطوات تقنية نتّبعها عادةً في ما يخصّ اللقاحات، وهي فترة التجريب السريري التي تنقسم إلى ثلاث مراحل. في ما يتعلّق باللقاح الروسي، فإنّ الجهات الروسية لم تعتمد الخطوات التي تتبعها منظمة الصحة العالمية على الصعيد التقني، ولم يجر اعتماد المراحل نفسها. لكننا نحن نتطلع بشكل دائم إلى معرفة المزيد بشأن هذا اللقاح ونتائجه، ولدينا تجارب سابقة مع الجهات الروسية في ما خص التوصل إلى لقاحات، ونؤمن بالقدرات الروسية في هذا المجال. ولكن، في الوقت الراهن، لا نزال في انتظار المزيد من التفاصيل بخصوص اللقاح. في حال قرر لبنان استيراد اللقاح، فهو قرار يعود للسلطات اللبنانية، والمنظمة على استعداد دائم لتقديم الدعم والنصيحة في أوقات الحاجة.
al-akhbar