رغم إعلان وزارة الصحة، أمس، تسجيل 12 وفاة خلال 24 ساعة، وهو أعلى معدّل للوفيات في يوم واحد، يتعزّز التوجه نحو إنهاء الإغلاق الجزئي الذي بدأ يوم الجمعة الفائت نهاية هذا الأسبوع بدلاً من السابع من أيلول المُقبل كما كان مقرراً. ويعود ذلك الى ضغوط يُمارسها أصحاب المطاعم والمقاهي والمنتجعات السياحية وعدد من أصحاب المصالح الخاصة، في ظلّ أزمة اقتصادية تُطبق على مختلف القطاعات.
إلّا أن تقصير مدة الإغلاق يبقى رهن الخطة الوقائية المتكاملة التي ستقدمها القطاعات الاقتصادية إلى لجنة متابعة التدابير والإجراءات الوقائية لفيروس كورونا. رغم ذلك، يواصل الكثير من أصحاب المصالح التمرّد على الإغلاق، ما دفع وزارة الداخلية والبلديات إلى إصدار بيان، أمس، أكدت فيه أنها «لن تتهاون في تطبيق ما تنص عليه القوانين بحق المخالفين (…) خصوصاً أن الأمر يتعلّق بالسلامة العامة في ظل التزايد الخطير لأرقام الإصابات بالوباء وفي أعداد الوفيات، والتحذيرات من عدم توفر أسرة في غرف العناية الفائقة».
ومع إعلان وزارة الصحة 532 إصابة جديدة (525 مُقيماً وسبعة وافدين) يتوقع أن تُلامس أعداد المُصابين الفعليين، اليوم، العشرة آلاف كما كان متوقعاً منذ نهاية الأسبوع الماضي، فيما ارتفع إجمالي ضحايا الوباء إلى 138. ووصل عدد الحالات الحرجة، حتى ليل أمس، إلى 75. ويتوقع تزايد أعداد هؤلاء تزامناً مع استمرار تسجيل إصابات مئوية يومياً.
ويعود ارتفاع أعداد الوفيات، بالدرجة الأولى، إلى ازدياد أعداد المُصابين، بحسب مستشار وزير الصحة الدكتور إدمون عبود، مشيراً إلى أن غالبية المتوفين أمس يتجاوزون السبعين، وأكثرهم يعانون من أمراض مستعصية أو مزمنة، لكنهم «يعدّون ضحايا للوباء، ولولاه لكانوا عاشوا فترة أطول».
الأخطر هو ما ورد في تقرير غرفة العمليات الوطنية لإدارة الكوارث لجهة تصدر لبنان لائحة تضاعف عدد حالات الوفاة (تتضاعف أرقام الضحايا كل عشرين يوماً، ما يعني احتمال أن تسجل بعد عشرين يوماً 24 وفاة خلال يوم واحد)، متفوّقاً بذلك على كل من العراق (تتضاعف أرقام الوفيات كل 42 يوماً)، والسعودية (51 يوماً)، وروسيا (63 يوماً)، والولايات المتحدة (100 يوم)، وتركيا (117 يوماً) والصين (184 يوماً)…! وبحسب التقرير، فإن نحو 16% من الضحايا تراوح أعمارهم بين 60 و69 عاماً، ونحو 18% بين 50 و59 عاماً، فيما تتجاوز نسبة وفيات الذين يتخطون السبعين عاماً 56%.

عدد من أجهزة التنفس المتوافرة غير قادر على العمل!

هذه الأرقام الصادمة تتزامن مع معطيات تُفيد بأن واقعاً أسوأ ينتظر البلاد نهاية الخريف ومطلع الشتاء المقبلين، «وهو موعد التقاء ذروة الموجة الأولى وبداية الموجة الثانية للفيروس»، بحسب أطباء أكدوا لـ«الأخبار» أن ما نشهده اليوم ليس الموجة الثانية من الفيروس، بل «ذروة الموجة الأولى». وسيكون التحدي الأبرز في التمييز بين الإصابات، نظراً الى تشابه عوارض «كورونا» والإنفلونزا الموسمية، وفي تضاعف الطلب على أجهزة التنفس، لأن إصابة بعض أصحاب الأمراض المزمنة بالانفلونزا تستدعي دخولهم المُستشفيات وحاجة بعضهم الملحة إلى أجهزة تنفس. ويعني ذلك ضغطاً مُضاعفاً على القطاع الصحي المترهل، ما يحتّم تسريع وتيرة إعادة إحيائه واتخاذ خطط استباقية لاستيعاب الوضع الكارثي الذي قد نكون مقبلين عليه بعد أشهر قليلة.
ومع أن لبنان تلقّى عدداً من أجهزة التنفس الاصطناعي عقب انفجار مرفأ بيروت، فضلاً عن استيراد كميات أخرى، إلا أن مصادر معنية بقطاع استيراد الأجهزة أكدت لـ «الأخبار» أن عدداً كبيراً من الأجهزة المتوافرة «لا قدرة له على العمل بسبب نقص الكثير من المُستلزمات الطبية التي يحتاج إليها»، لافتة إلى ضرورة تسيير عمليات استيراد هذه المُستلزمات ومعالجة الأزمة الفعلية التي يعاني منها القطاع.

al-akhbar