مع اقترابِ تثبيتِ مصيرِ الجنود المخطوفين لدى داعش في الجرود، كَثُرَت الرِّوايات المُتعلّقة بمصيرِ الجنديّ عبدالرحيم دياب، الذي لا يظهر له أيّ أثرٍ بين رُفاةِ رِفاقِه على الرّغم من أنّه خطف معهم. قِيلَ إنّ الجنديّ دياب انشقَّ عند حُدوثِ عمليّة الخطفِ، ثمّ انتقل إلى الرّقّة برِفقةِ خالهِ القياديّ في التنظيم، حيث قُتِلَ هناك بشكلٍ غامضٍ وغير واضحٍ تماماً كحادثةِ انشقاقِهِ.
لا يوجد حتى الآن روايةٍ رسميّةٍ توضحُ الذي حصل مع دياب، لكنّ المُؤكّد الذي يُكشفُ للمرّةِ الأولى وتخصّ به مصادر معنيّة “ليبانون ديبايت”، أنّ مسألة انشقاقِهِ مُثبتة وغير خاضعةٍ للنّقاش، وبدأت منذ ما قبل حصولِ عمليّةِ الخطف، وهذه الرّواية باتت تفاصيلها واضحةً بُعَيدَ أب 2014.
والمُؤسّسة العسكريّة لا تعتبر الجنديّ دياب “جنديّاً مخطوفاً” وهي أزالت اسمه من قائمةِ رِفاقِهِ المخطوفين، وخَلَت مساعيها من أي ذكرٍ له، ما أثار امتعاضَ ذويهِ الذينَ يرفضونَ فكرة أنّه “منشق”؛ بل يؤكّدونَ أنّه “مجهول المصير”، لا بل يُصرّونَ على “المُحافظة على هويّته العسكريّة”، وهذا التأكيد يستندون عليه من خلالِ رواياتٍ ينقلها أحد أفراد عائلتِهِ الذي زاره في الجرود وأكّد “دياب” آنذاك أنّه “لم ينشقّ”.
هذه الرّواية تدحضها الجّهات المعنيّة وتُبرِزُ اعترافاتٍ قدّمها موقوفون من التّنظيم الإرهابيّ أوقفوا على مراحل زمنيّة مُتعدّدة، قدّموا اعترافاتٍ أماطت اللّثامَ عن مصيرِ الجنود خلالَ فترة ما بين منتصف عام 2015 وأوائل 2016، ومن ضمنِ ما قُدّم برزت اعترافاتٌ تتحدّث عن “دورِ الجنديّ دياب السّلبيّ” الذي أقرّ هؤلاء بأنّه “مارسَ على زُملائِه أنواعاً من العبوديّة وأصنافاً من التعذيبِ الجسديّ، وكان مكلّفاً متابعتهم خلالَ أسرِهِم”، وهناك اعترافاتٌ قاسيّةٌ تذهبُ إلى أنّ الجنودَ الأسرى أُخضِعُوا لأسوأ أعمالِ الاستغلال من خلال استخدامِهِم بنقلِ حاجيّاتِ التّنظيمِ بدلاً عن المُقاتلين.
والمُثيرَ للدّهشة الذي يكشفهُ هؤلاء، أنّ رواية انشقاق دياب بدأت قبل آب 2014، مشيرينَ إلى دورٍ ما له أدّى إلى توفيرِ أمورٍ لوجستيّة قادت الإرهابيّين إلى خطفِ الجنود على النّحو الذي حصل، وهنا يعودُ بِنَا الحديث إلى صلةِ القرابة بينه وبين أحد قياديّي “داعش” (خاله) والتي لَعِبَت دوراً بما حصل ووفّرت مساعدةً للتنظيمِ الإرهابيّ.
أما روايةُ عائلةِ الجنديّ تقول إنّه أفادَ المُؤسّسة العسكريّة أنّ خالهُ عنصراً في “داعش” قبل حصولِ عمليّاتِ الخطفِ، لكنّ الجهات المعنيّة تُؤكّدُ أنّ ملفّه العسكريّ خلا من وُجودِ أيّة إفادةٍ يتعلّق بوضعِ خالِه، ما يُؤكّد – بالنسبة إليها – أنّ الجنديّ دياب أخفى وضعيّة خالهِ الأمنيّة كي لا يَجري نقلهُ من نُقطةِ خدمتِهِ العسكريّة كما حصل مع العشرات من الجنودِ الذين أفادوا بوضعيّاتٍ مُماثِلة. وهنا يقود سبب عدم الإفادة – بحسب المصادر – إلى وجودِ النّيةِ لدى الجنديّ بخدمةِ “المشروعِ الذي جُنِّدَ من أجلِهِ”.
وعلى الرغم من ثقةِ المصادرِ ممّا لديها من مُعطيات، فإن ذوي دياب يرفضونَ تصديق خَبر انشقاقِ “دياب” واضعينَ إيّاهُ في خانةِ “المفقودِ”، مُلقِينَ اللومَ على قيادةِ الجيش التي يقولونَ إنّها “أهملت حقّهم في جنديٍّ مخطوفٍ جعلته خارج دائرةِ الاهتمام” استناداً إلى معلوماتٍ يعتبرونَ أنّها “مشوّشة”.
وفي المحصلة، أنهت قيادة الجيش النّقاشَ بمصيرِ الجنديّ دياب الذي وُضِعَ خارجَ أولويّاتها ووسمتهُ بصفةِ “الخائنِ” دونَ إعلان ذلكَ رسميّاً وذلك استناداً إلى المعلومات التي باتت بحوزتِها وتأكّدِها من ذهابِهِ إلى الرّقّة – على الأقل -.
“ليبانون ديبايت”