نجح الإعلامي والمصور الفوتوغرافي اللبناني نضال صلح من تسلق قمة كازبك في جمهورية جورجيا، والتي تعتبر إحدى أعلى أربع قمم في جبال أوروبا على ارتفاع 5033 مترا عن سطح البحر، ورفع العلم اللبناني عليها، محققا بذلك أول إنجاز له وللبنان بتسلق القمة إلى جانب فريق دولي من 19 مغامرا.
صلح وضح كيفية تبلور الفكرة لديه، فقال: “بداية كان الحديث عن القيام برحلة مغامرة لتسلق إحدى قمم الجبال العالية، الا ان العقبة الرئيسية التي واجهتني هي عدم الخبرة وعدم معرفة ما ينتظرني من عقبات، فتواصلت مع رئيس مؤسسة (Plan B) في اوكرانيا Dmitry Gozak وهو من المتخصصين في تسلق القمم العالية للاستفسار، وبعد مناقشة التفاصيل اتفقنا على القيام بالمغامرة بتسلق أعلى قمة في أوروبا، قمة كازبك في جورجيا التي يبلغ ارتفاعها 5033 مترا”.
ولفت إلى أن “التحضيرات الاولى كانت بالتهيئة النفسية والمعنوية لما يمكن أن أواجهه، وبعد وصولنا الى العاصمة تبيليسي واكتمال الفريق الدولي المؤلف من 19 شخصا اثنان من سويسرا واربعة من روسيا و12 من أوكرانيا، وانا اللبناني الوحيد بينهم، انتقلنا الى بلدة ستيبناتسميندا (Stepanatsminda) التى ترتفع 1740 مترا عن سطح البحر وتقع في اسفل قمة جبل كازبك، وتبعد حوالى 33 كلم باتجاه واحد عن اعلى القمة. وبعد مكوثنا بضع ساعات في البلدة عملنا خلالها على تجهيز امتعتنا ومعداتنا، انطلقنا سيرا في اتجاه المخيم الاول على ارتفاع 2200 مترا، حيث بتنا ليلتنا الاولى هناك، في مكان بالقرب من كنيسة Gergeti Trinity Church التاريخية التي بنيت في القرن الرابع عشر، وتعتبر الرمز الاول لجمهورية جورجيا. وفي صباح اليوم التالي حزمنا امتعتنا وخيمنا وانطلقنا في اتجاه المخيم الثاني الذي يقع على ارتفاع 2800 متر حيث أمضينا ليلتنا الثانية. وانطلقنا في اليوم الثالث الى محطة الأرصاد الجوية التي تقع على ارتفاع 3650 مترا عن سطح البحر، حيث كان مخيمنا الأساسي، وقد وصلنا اليه بعد قرابة الثماني ساعات من السير، نظرا الى وعورة المنطقة حيث الأنهار الجليدية والتشققات المنتشرة فيها، الأمر الذي تطلب منا الحذر الكبير”.
وتابع صلح: “في اليوم الرابع بدأت عمليات التدريب من خلال المعدات المتخصصة للسير على الجليد وكيفية التعاطي في حال انزلاق أحد المتسلقين، ثم قررنا الصعود نحو ارتفاع 4200 متر للتكيف مع كميات الاوكسيجين التي تنخفض على هذا الارتفاع، وقد بقينا لعدة ساعات، قبل عودتنا إلى المخيم الاساسي. وهكذا على مدى يومين تابعنا تدريباتنا الى ان قررنا في تاريخ 27 تموز الماضي التوجه نحو القمة، فكانت الانطلاقة عند الساعة الثانية بعد منتصف الليل وبعد مرور تسع ساعات ونصف الساعة، وصلت الى اعلى القمة مسجلا بذلك وصول اول مواطن لبناني الى قمة جبل كازبك التي تدخل ضمن قائمة أعلى أربع قمم في اوروبا”.
وأ أن “أبرز المصاعب التي واجهتنا خلال عمليات التدريب وصولا الى التسلق، التشققات الكبيرة المنتشرة في الأنهر الجليدية، وكميات الأوكسيجين التي تنخفض نسبيا مع كل ارتفاع، بحيث يكون هناك ضغط كبير على عملية التنفس، كما أن التأقلم مع الارتفاعات هو من أهم العمليات التي تواجه المتسلقين، إضافة إلى الفارق بين ارتفاع درجات الحرارة نهارا إلى 35 درجة، وانخفاضها ليلا إلى درجتين تحت الصفر، علما أن ليلة الصعود الى القمة تدنت درجة الحرارة ليلا إلى 15 درجة تحت الصفر”.
ولدى سؤاله عن الهدف من مشاركته في هذه المغامرة المحفوفة بالمخاطر، قال: “نحن نعلم ان معظم وسائل الاعلام، ومنذ سنوات، قد أساءت الى مدينة بعلبك وأهلها، وما زالت بعض تلك الوسائل مستمرة في نهجها على الرغم من ان الحقيقة مغايرة لما يقال وينشر، وهذا ما دفع حتى بأبناء الوطن إلى أخذ الحذر والحيطة الكبيرين من التوجه لزيارة بعلبك المحبة لضيوفها وزائريها، والتي تتمتع بكل الايجابيات، وإن عكر صفوها بعض المشاكل المحدودة التي تأخذ طابعا فرديا في معظمها، لذا أردت من خلال مشاركتي التاكيد أن بعلبك تحب الحياة، وقد قدمت الكثير من الانجازات على مستوى الوطن، ولعل مهرجاناتها الدولية والنشاطات المتنوعة التي تقوم بها بعض الجمعيات بكل مجالاتها خير دليل على أن بعلبك تستحق الاهتمام وتستحق ان يزورها ابناء الوطن قبل غيرهم للتمتع بقلعتها ومعالمها، ولأطاق رسالة مفادها: “بعلبك، هي مدينة السلام والمحبة، تنتظركم يا أبناء الوطن، كما تنتظر كل محبيها”.
الوطنية للإعلام