هاجس تلوُّث مياه البحر يؤرق اللبنانيين مع بداية فصل الصيف. يستعد اللبنانيون لموسم السباحة الذي يحمل معه جديد كوارث بيئية اجتاحت شواطئه كما مياه لبنان كلّها. والكنز الذي لطالما تغنّى به لبنان ولقبه “الذهب الازرق” تحوّل من نعمة الى نقمة دقّت ناقوس الخطر لضرورة معالجتها قبل ان تقضي على صحّة المواطن وتنتشر على امتداد الشواطئ من رأس الناقورة الى عكار.
المشكلة تتفاقم عاما بعد آخر، ما استدعى إطلاق صرخة مدويّة من رئيس حزب البيئة العالمي دوميط كامل الذي أشار لـ “ليبانون ديبايت” الى ان الشاطئ اللبناني أصبح مكبّا شرعيا للمجارير. ويصب في مياهه حوالي 63 مجرورا ضخما، أضف الى مجارير المنتجعات التي تصب فيه من دون اي معالجة مفروضة.
أسف كامل لما كان لبنان يتغنّى بشواطئه، مضيفاً انه تم تدمير هذه الميزة. وقال “المواطن مش عارف حاله وين لازم يروح. اي منطقة بحرها صالح واي منطقة بحرها ملوّث ومؤذي”. وحذّر الاقتراب من اي مجرور يصب في البحر، ومنع السباحة او صيد السمك بالقرب منه منعا باتًا، لأنه حينئذ سيدفع الثمن من صحته.
التلوّث وبعد… بحر لبنان لم يسلم من انعكاس التغيّر المناخي سلبًا عليه، بحسب كامل. وما سببه هذا التغيّر من دخول أنواع حيوانات بحرية مؤذية الى الشاطئ، ترمي بخطورتها على المواطن في حال الاقتراب منها أو السباحة بجوارها.
من هنا طالب الخبير البيئي وزارات الدولة المختصّة اجراء مسح شامل للشاطئ البحري من خلال فحص مخبري للمياه في كل كيلومتر، واظهار النتائج أمام الرأي العام. حتى يعرف المواطن “إذا نازل يسبح ببحر أو بمكب مجارير”. ولم ينكر ان هناك بعض المناطق لا تزال آمنة ومحمية من التلوّث نوعا ما، على سبيل المثال لا الحصر “شواطئ صور، والناقورة، والجيّة، وشكّا، والبترون في الجهة البعيدة عن المعامل والمصانع، أضف الى الشواطئ الممتدة من العقيبة وصولا الى عمشيت”.
أمّا عن الكوارث البحريّة، فهناك شواطئ حدّث ولا حرج، اذ لفت كامل الى ما وصل اليه الأمر في شاطئ بيروت الذي “ولا بأي من الأشكال بينّزل عليه”. كما حذّر من تلوّث المياه على امتداد الشاطئ الكسرواني من الذوق حتى جونية الى طبرجا، وفي طرابلس وعكار. وشدد على أهمية اجراء مسح لمعرفة النتيجة لأن التقديرات في هذه الحالات الدقيقة لا تكف لأن مرحلة التلوّث التي وصلنا اليها مخيفة وخطيرة.
المفاجأة ان الحلول ليست مستحيلة، وسبل المعالجة لتلوّث مياه الشاطئ اللبناني ومنع امتداد التلوث الى بقية الشواطئ متوفّرة مع وقف التنفيذ لأسباب مجهولة. اذ أكّد كامل ان لبنان يملك أحدث طرق العالم لمعالجة المياه بكلفة غير مرتفعة. ونبّه من المعالجة البدائية التي يتم اللجوء اليها أحيانا لأنها ذات أخطار 100 مرة أضعاف خطورة تلوّث المياه.
اكتفى كامل بعبارة “في فمي ماء”، للإجابة عن سبب تقاعس الدولة بمعالجة المياه كون الطريقة متاحة. وتمنّى لو تُلغى المحسوبيات السياسية والحزبية في المواضيع التي تتعلّق بالبيئة.
ولا شك أن السباحة في مياه ملوّثة تسبب أمراض معوية وجلدية، وتهدد صحّة الانسان بشكل عام لما قد تسببه من امراض سرطانية. لذلك، حذّر اخصائي الامراض الجلدية الدكتور مارتين مرعي عبر “ليبانون ديبايت” من مخاطر المياه الملوّثة على المواطن وما قد تسببه من نقل جراثيم، وأمراض جلدية وحساسية والالتهابات والطفح الجلدي. ودعا الى ضرورة تلقي العلاج اللازم في حال ظهور عوارض من هذا النوع، حتى لا تتفاقم الحالة أكثر.
ليبانون ديبايت.