اسف رئيس” لقاء علماء صور” ومنطقتها العلامة الشيخ علي ياسين العاملي في تصريح له للمناكفات التي سادت جلسات مجلس النواب، مطالبا القوى السياسية “بالابتعاد عن السجالات التي لا طائل منها، وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية، مشددا على ان “هذه الحكومة هي حكومة من كل القوى السياسية، وحصرها في طرف بعينه هو وضع عقبات امامها”.
وقال :” إن تأليف الحكومة حصل، والمطلوب الان التآلف بين القوى لمواجهة المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان والمنطقة، مؤكدا “ان واقع البلد يفرض على الجميع العمل بكل جدية وشفافية للنهوض بالبلد، مشددا على “ان رفض المساعدات من الاصدقاء يحرم لبنان من فرصة حقيقية لمعالجة ازمات عديدة ابرزها الكهرباء ودعم الجيش” .
ورأى “ان مؤتمر “وارسو” الذي دعى له صانعو الارهاب هو مؤتمر تصفية القضية الفلسطينية والتطبيع الذي جرى فيه خيانة للأمة جمعاء، وهو تمهيد لما سمي صفقة القرن”.
تابع: “ان الاجتماع برئيس وزراء الكيان الصهيوني يؤكد تنازل البعض عن القضية الفلسطينية، والالتزام بتعليمات اصحاب المشروع الصهيوامريكي”.
ووجه ياسين التحية للشعب البحريني المحافظ على سلمية تحركاته، مؤكدا “ان نهاية تحركاته ستكون تحقيق مطالبه العادلة والمحقة”.
خطبة الجمعة[الإيمان؛ حبٌ وبغض في الله]
فضيلة الشيخ علي ياسين العاملي 15-2-2019م
“لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ”
عن أبي عبد الله الصادق (ع) قال:قال رسول الله (ص) لأصحابه: أي عرى الايمان أوثق؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم، وقال بعضهم: الصلاة وقال بعضهم: الزكاة وقال بعضهم: الصيام وقال بعضهم: الحجوالعمرة وقال بعضهم: الجهاد، فقال رسول الله (ص): لكل ما قلتم فضل وليس به، ولكن أوثق عرى الايمان الحب في الله والبغض في الله، وتولّي أولياء الله والتبري من أعداء الله. في الحديث أنّ الإمام زين العابدين (ع) قال: إذا جمع الله عزوجل الأولين والآخرين قام منادٍ فنادى يُسمع الناس، فيقول: أين المتحابون في الله، قال: فيقوم عنق من الناس، فيقال لهم: اذهبوا إلى الجنة بغير حساب. قال: فتلقاهم الملائكة فيقولون: إلى أين؟ فيقولون: إلى الجنة بغير حساب، قال: فيقولون: فأي ضرب أنتم من الناس؟ فيقولون نحن المتحابون في الله، قال: فيقولون: وأي شئ كانت أعمالكم؟ قالوا: كنا نحب في الله ونبغض في الله، قال: فيقولون: نعم أجر العاملين.
الإنسان بطبعه يُحبّ مَنْ يُحسن إليه؛ والله سبحانه أنعم علينا بنعمة الوجود، ولولاه لم نكن، فالله هو المحبوب الأول والأكبر، فإنّه الكامل المُطلق، وقد أرشدنا إلى سبيل الكمال، فبمقدار ما يحوز الإنسان على الكمالات؛ يكون قريباً من الله سبحانه، ولا يتم حب الله إلاّ بمحبّة أوليائه وكره أعدائه، فالمؤمن يُحبّ ما يُحبّه الله ويكره ما يكرهه، ولا تتم عبادة الله الحقة إلاّ بذلك، وهي الشرط الأساس في الحفاظ على المبادئ الإسلامية الأخلاقية، والحب والبغض في الله هما مقلبا الحصن المنيع لأخلاق الإسلام ومبادئه، والحفاظ على المجتمع الآمن والمطمئن وبيان درجة إيمان الإنسان، عن الإمام الباقر (ع):إذا أردت أن تعلم أن فيك خيرا فانظرإلى قلبك، فإن كان يحب أهل طاعة الله ويبغض أهل معصيته ففيك خير والله يحبك وإن كان يبغض أهل طاعة الله ويحب هل معصيته فليس فيك خير والله يبغضك، والمرء مع من أحب.
وأكمل البشر الأنبياء، وأكمل الأنبياء نبيّنا محمد (ص)، محبّة الله تفرض علينا عبادته وطاعته، ومحبّة النبي (ص) تفرض علينا اتّباعه والاستنان بسنّته، قال تعالى لنبيّه (ص) ” قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ “، فالله سبحانه يُبيّن للبشر أنّ محبّة الله مرهونة باتباع نبي الله، ليكتمل طرفا الحب، إذ لا يصح الحب من طرف واحد، لا بل لابدّ وأن يتبادل الطرفان [الحبيب والمحبوب] حبّهما، فمن أحب الله عليه أن يتّبع رسول الله ويحبّه ويحبّ أولياءه ويعادي أعداءه دون تأثر بقرابة أو مصالح دنيوية؛ ليبادله الله الحب .
إنّ الحب والبغض يميّزان المؤمن في مشاعره عن غير المؤمن، فغير المؤمن يبني علاقاته على منافع شخصية، ومصلحة ذاتية، فيقترب من إنسان، أو يبتعد عن آخر؛ طبقاً لمنفعته الشخصية، ومصلحته الدنيوية، أما المؤمن؛ فينسج علاقاته بما ينسجم ورضا الله سبحانه، فدائماً ما يُخضع علاقاته لأمر الله سبحانه، من خلال تسليمه لأمر الله، وخضوعاً لإرادة الله، وتقرباً لرضاه سبحانه، فإذا أحب؛ أحب امتثالاً لأمر الله، وإن أبغض؛ أبغض امتثالاً لأمر الله، فحركاته وسكناته وعواطفه وكل أفعاله وردود أفعاله ضمن التسليم لأمر الله، فهو محبّ لأولياء الله والعلماء والمتقين، ولو لم يكونوا من عشيرته أو بلده، وكذلك يبغض أهل الكفر والنفاق والظالمين؛ ولو كانوا من عشيرته الأقربين، مطبّقاً ما ورد عن رسول الله (ص): يا عبد الله؛ أحب في الله، وابغض في الله، ووالِ في الله، فإنّه لا يُنال ولاية الله إلاّ بذلك، ولا يجد الرجل طعم الإيمان إلاّ بذلك . وعن مولانا الإمام الصادق (ع): كل من يُحب على الدين، ولم يبغض على الدين؛ فلا دين له .
إنّ الحب في الله، والبغض في الله؛ يُخرج حبّ الدنيا من قلب المؤمن، فبذلك يبتعد عن المعاصي والخطايا، لأنّ حب الدنيا رأس كلّ خطيئة، فيكره كل ما يُبعده عن الله، ويرضى ويُحب أن يكون في الظل، ونسياً في مجتمعه؛ إذا كانت الشهرة والمنصب يبعدانه عن الله سبحانه، فيكون في حياته منشرح الصدر، صابراً راضياً مطمئناً واثقاً بوعد الله له، فيلتزم التقوى؛ لأنّ العاقبة للمتقين، والخسران لمن ضلّ واتبع هواه، وباع آخرته بدنياه، والأخسر من باع آخرته بدنيا غيره، فلا يجتمع حب الله ومعصيته سبحانه، قال الشافعي:
تَعْصِي الإِله وَأنْتَ تُظْهِرُ حُبَّهُ ***هذا محالٌ في القياس بديعُ
لَوْ كانَ حُبُّكَ صَادِقاً لأَطَعْتَهُ *** إنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ
في كلِّ يومٍ يبتديكَ بنعمة ٍ *** منهُ وأنتَ لشكرِ ذاكَ مضيعُ
الإيمان بالله واليوم الآخر واليقين بأنّ من يعمل مثقال ذرّة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرّة شرّاً يره؛ لا بدّ وأن يملأ قلبه حبّاً لله سبحانه، وحبّ من أحبه الله؛ خاصة النبي (ص) وأهل بيته (ع)؟، فلا يتم حب الله دون حبّ محمدٍ وآله، فحب محمدٍ وآله هو الأجر الذي جعله الله جزاء هدايته للمسلمين، والآخذ بيدهم نحو الصراط المستقيم ” قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ “، وقال رسول الله (ص): لا يتم الإيمان إلاّ بمحبّتنا أهل البيت . وقال (ص): مَن رزقه الله حبّ الأئمة من أهل بيتي فقد أصاب خير الدنيا والآخرة ، فلا يشكّنّ أحدٌ أنه في الجنة ، فإنّ في حبّ أهل بيتي عشرين خصلة ، عشر منها في الدنيا ، وعشر في الآخرة : أما في الدنيا : فالزهد ، والحرص على العمل ، والورع في الدين ، والرغبة في العبادة ، والتوبة قبل الموت ، والنشاط في قيام الليل ، واليأس مما في أيدي الناس ، والحفظ لأمر الله ونهيه عزّ وجلّ ، والتاسعة بغض الدنيا ، والعاشرة السخاء . وأما في الآخرة : فلا يُنشر له ديوانٌ ، ولا يُنصب له ميزانٌ ، ويُعطى كتابه بيمينه ، ويُكتب له براءةٌ من النار ، ويبيض وجهه ، ويُكسى من حلل الجنة ، ويُشفّع في مائة من أهل بيته ، وينظر الله عزّ وجلّ إليه بالرحمة ، ويُتوّج من تيجان الجنة ، والعاشرة يدخل الجنة بغير حساب ، فطوبى لمحبّي أهل بيتي. وقال الإمام الباقر (ع):ود المؤمن للمؤمن في الله من أعظم شعب الايمان، ألا ومن أحب في الله وأبغض في الله وأعطى في الله ومنع في الله فهو من أصفياء الله.وورد في الحديث:هل عملت لي عملا قط ؟ قال: صليت لك وصمت وتصدقت [وذكرت لك]، قال الله تبارك وتعالى: أما الصلاة فلك برهان، والصوم جنة، والصدقة ظل، والذكر نور، فأي عمل عملت لي ؟ قال موسى (عليه السلام): دلني على العمل الذي هو لك، قال: يا موسى هل واليت لي ولياً [وهل عاديت لي عدوا قط ؟]، فعلم موسى أن أفضل الأعمال الحب في الله والبغض في الله .
وعن رسول الله (ص): ودّ المؤمن للمؤمن في الله؛ من أعظم شُعب الإيمان . وعن الإمام الصادق (ع): ما التقى مؤمنان قط إلاّ وكان أفضلهما أشدّ حبّاً لأخيه .
القرآن الكريم وصف المؤمنين الموالين لبعضهم بأنهم حزب الله وأنصاره، ولا يمكن أن يوالوا ويوادّوا من خالف الله ورسوله، حتى ولو كانوا من أقربائهم وممن قرُبت لحمتهم، إذ لا يمكن أن يجتمع حبّ الله وحبّ العاصين لله، ” لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ “، إنّ الله سبحانه لا يقبل عملاً لمن لا يُحب في الله ويكره في الله، عن رسول الله (ص) في حساب الله يوم القيامة:يُؤتَى بعبدٍ محسنٍ في نفسِه لا يرى أن له ذنبًا فيُقالُ له: هل كُنْتَ تُوالِي أوليائي؟ قال كُنْتُ من النَّاس سَلْمًا . قال: فهل كُنْتَ تُعادِي أعدائي؟ قال: يا ربِّ لم يكنْ بيني وبينَ أحدٍ شيئا . فيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: لا ينالُ رحمتي مَن لم يُوالِ أوليائي ويُعادِ أعدائي.وعن الإمام الباقر (ع):لو صمت النهار لا أفطر، وصليت الليل لا أفتر، وأنفقت مالي في سبيل الله علقا علقا، ثم لم تكن في قلبي محبة لأوليائه، ولا بغضة لأعدائه، ما نفعني ذلك شيئا.
إننا نأسف للمناكفات التي سادت جلسات مجلس النواب، ونطالب القوى السياسية بالابتعاد عن السجالات التي لا طائل منها وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية ونشدد على أن هذه الحكومة هي حكومة كل القوى السياسية وحصرها في طرف بعينه هو وضع عقبات أمامها.
إن تأليف الحكومة حصل، والمطلوب الآن التآلف بين القوى لمواجهة المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان والمنطقة.
إننا نؤكد على أن واقع البلد يفرض على الجميع العمل بكل جدية وشفافية للنهوض بالبلد، ونشدد على أن رفض المساعدات من الأصدقاء يحرم لبنان من فرصة حقيقية لمعالجة أزمات عديدة أبرزها الكهرباء ودعم الجيش .
إننا نرى أن مؤتمر وارسو الذي دعا له صانعو الإرهاب هو مؤتمر تصفية القضية الفلسطينية والتطبيع الذي جرى فيه خيانة الأمة جمعاء وهو تمهيد لما سمي صفقة القرن .
إن الاجتماع برئيس وزراء الكيان الصهيوني يؤكد تنازل البعض عن القضية الفلسطينية وهو التزاما بتعليمات أصحاب المشروع الصهيو امريكي.
ونوجه التحية للشعب البحريني المحافظ على سلمية تحركاته ونؤكد أن نهاية تحركاته ستكون تحقيق مطالبه العادلة والمحقة.
والحمد لله رب العالمين والصلاة على محمدٍ وآله الطاهرين
تصوير:رامي أمين