ما أحوال الرجل الستيني، لا سيما بعد إعلان وزارة الداخلية أن الهدف من إجراءاتها ليس قطع أرزاق الناس؟ وما قرار محافظ بيروت زياد شبيب بحق جواد.
الأسبوع الفائت تداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي صوراً لمحضر ضبط منظّم بحق بائع كعك في الحمرا لعدم حيازته ترخيصاً لعمله، وصادرت قوى الأمن الداخلي العربة ومن ثم أتلفتها.
لم يجد الرجل الستيني سبيلاً لعودته إلى عمله وتحصيل بدل إيجار منزله وثمن الدواء الذي يواظب على تناوله منذ سنوات بسبب اصابته بالسكري والتهاب الرئتين، عدا عن مصاريف عائلة مؤلفة من 9 أفراد.
” مناصرة وتبرّعات …وقرار”
لم تمرَّ معاناة جواد مرور الكرام، ووجدت كل التعاطف من عدد ليس قليلاً، لاسيما بعد أن تداول الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي الأمر وسط دعوات للتبرع بمبالغ مالية لتعويض الخسارة.
ووجّه ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي نداءً لمساعدة بائع الكعك، وبدأت الحملة على صفحة الناشط المحامي حسن بزي الذي نشر:
“أرجو من الجميع مشاركة المنشور دفاعاً عن لقمة عيش بائع الكعك محمد علي جواد، فالرجل الستيني يبيع الكعك على عربته منذ سنوات طويلة أمام مدخل مستشفى الجامعة الأميركية، وقد تعاقبنا جميعاً على الشراء منه منذ طفولتنا”.
وتابع: “منذ ثلاثة أيام قامت دورية من قوى الأمن الداخلي بتوقيفه وسوقه إلى الفصيلة المختصة حيث نظم بحقه ضبط بجرم بيع الكعك على عربة دون ترخيص وتم إتلاف عربته أمام ناظريه ضمن حرم الفصيلة”.
ولاحقاً شرح آمر الفصيلة ما حدث بحسب بزي وأكد “بكل احترام صحتها ولكنها تمت استناداً إلى تعميم صادر عن قيادة الدرك بسبب عدم وجود مرائب لحجز هذا النوع من العربات”.
لم يمضِ وقت طويل حتى تأمن مبلغ مالي، وكذلك تبرع أحد الأشخاص بعربة جديدة لأبي علي حتى يتمكن من العودة إلى عمله وتحصيل لقمة العيش.
لكن المعضلة الأساسية ظلت على حالها، وهي عدم الحصول على ترخيص من محافظ بيروت أو من البلدية.
“النهار” تواصلت مع المحافظ شبيب الذي أبدى تفهمه لمعاناة جواد، وأكد أنه سيمنحه الترخيص القانوني لمعاودة عمله وفق الأنظمة المعمول بها.
وبدوره أعرب جواد عن تقديره لخطوة المحافظ، وقال لـ”النهار” إن “مورد رزقي الوحيد هو بيع الكعك، وكنت على مدار أكثر من 25 عاماً أخرج من منزلي فجراً قرابة الرابعة وأفصد الفرن لشراء الكعك، ومن ثم أتوجه إلى شارع الحمرا لبيعها، وما أجنيه يساعدني في دفع إيجار منزلي وثمن دوائي ومصروف عائلتي، ولا أعرف ممارسة أي مهنة أخرى، لقد اعتدت على ذلك العمل”.
أما عن منحه الترخيص فيعلق: “أشكر كل من ساعدني على العودة إلى عملي، وكذلك أشكر المتبرعين وفي مقدمهم المحامي بزي، وكل من ساهم في إثارة قضيتي”.
ويذكر أن أحد الأشخاص تبرع بعربة، وكذلك عرض كثرٌ التبرع النقدي لدفع قيمة الضبط بعد محاولة تخفيضه في المحكمة، وتم تسليم الرصيد لجواد لشراء بضاعة جديدة. وتم تنظيم كشف بأسماء المتبرعين وكيفية إنفاق المبلغ.
قضية جواد ليست إنسانية فقط، ولكنها تترك التساؤلات عن التعديات الكثيرة على الأملاك العامة من قبل نافذين وغيرهم. ولم يسمع اللبنانيون بأن هذا النافذ أو ذاك تمت معاقبته أو تمت استعادة الأموال العامة منه.